هذا التعظيم، وحكموا على من قال: لا يجب بأنه تارك لتعظيمه، بل حكموا على من قال: لا تجب الصلاة عليه كلما ذكر،ولا تجب الصلاة عليه في الصلاة أولا تجب في العمر إلا مرة، أولا تجب أصلاً بأنه تارك للتعظيم، لأن الصلاة عليه تعظيم له بلا ريب، فهل كان أئمة الإسلام وعلماء الأمة نافين لتعظيمه تاركين له بنفيهم الوجوب،أم كانوا أشد تعظيماً له منكم وأعرف بحقوقه وأحفظ لدينه أن يزاد فيه ما ليس منه.
يوضحه الوجه السابع: إن الذين كرهوا من الفقهاء الصلاة عليه عند الذبح يكونون على قولكم تاركين لتعظيمه، وذلك قادح في إيمانهم، وكذلك من كره، أو حرم الحلف به وقال: لا تعتقد يمين الحالف به يكون على قولكم تاركاً لتعظيمه، لأن الحلف به تعظيم له بلا ريب.
الوجه الثامن: إن القول بعدم وجوب زيارة قبره، أو بعدم استحبابها، أو بعد جواز شد الرحال لا يقدح في تعظيمه بوجه من الوجوه، وهو بمنزلة قول من قال من أئمة الإسلام: لا تجب الصلاة عليه في التشهد الأخير وبمنزلة قول من قال منهم: تكره الصلاة عليه عند الذبح، وبمنزلة قوله من قال: لا تستحب الصلاة عليه في التشهد الأول، ولا عند التشهد في الأذان، بل قول من نفى وجوب الزيارة، أو جواز شد الرحال إلى أولى أن لا يكون منافياً للتعظيم من قول من نفى وجوب الصلاة عليه، أو استحبابها في بعض المواضع، لأن الصلاة عليه مأمور بها، وقد ضمن للمصلي عليه مرة أن يصلي الله عليه عشراً، بل الصلاة عليه محض التعظيم له، فنفي وجوبها أو استحبابها في موضع ليس بترك للتعظيم، وليس إنكار وجوب كل من الأمرين قادحاً في تعظيمه، بل ذلك عين تعظيمه يدل عليه.
الوجه التاسع: أن تعظيمه هو موافقته في محبة ما يحب وكراهة ما يكره، والرضا بما يرضى به، ولفعل ما أمر به، وترك ما نهى عنه، والمبادرة إلى ما رغب فيه والبعد عما جذر منه، وأن لا يتقدم بين يديه ولا يقدم على قول أحد سواه، ولا يعارض ما جاء به بمعقول، ثم يقدم المعقول عليه كما يقوله أئمة هذا المعترض الذين تلقى عنهم أصول دينه، وقدم آرائهم وهو أحسن ظنونهم على كلام الله ورسوله، ثم ينسب ورثة الرسول الموافقين مع أوقاله المخالفين لما خلفها من ترك التعظيم والتنقيص، وأي إخلاف بتعظيمه وأي تنقص فوق من عزل كلام الرسول عن إفادة اليقين، وقدم عليه آراء الرجال وزعم أن العقل يعارض ما جاء به، وأن الواجب تقديم المعقول، وآراء الرجال على قوله.