والبدع ودعى إلى ما كان عليه خيار الأمة وسادتها، ويستحل عقوبته وينسب إلى التنقص والازراء،، فهذا وأمثاله تقشعر منه جلودهم أهل العلم والإيمان.
وقوله: إن في هذا الفرق تركاً لما دلت عليه الأدلة الشرعية بالآراء الفاسدة الخالية - ففي هذا الكلام من قلب الحقائق وترك موجب النصوص النبوية والقواعد الشرعية والمحكم الخاص المقيد إلى المجمل المتشابه العام المطلق، كما يفعله أهل الأهواء الذين في قلوبهم زيغ ما نبينه بحول الله ومعونته وتأييده، فإن النصوص التي صحت عنه صلى الله عليه وسلم بالنهي عن تعظيم القبور بكل نوع يؤدي إلى الشرك ووسائله من الصلاة عندها وإليها واتخاذها مساجد وإيقاد السرج عليها وشد الرحال إليها، وجعلها أعياداً يجتمع لها كما يجتمع للعبد، ونحو ذلك صحيحة صريحة محكمة فيما دلت عليه، وقبور المعظمين مقصودة بذلك النص والعلة ولا ريب أن هذا من أعظم المحاذير.
وهو أصل أسباب الشرك والفتنة به في العالم، فكيف يناقض هذا ويعارض بإطلاق زوار القبور، وبأحاديث لا يصح شيء منها البتة في زيارة قبره، ولا يثبت منها خبر واحد، ونحن نشهد بالله أنه لم يقل شيئاً منها كما نشهد بالله أنه قال:تلك النصوص الصحيحة الصريحة، وهؤلاء فرسان الحديث وأئمة النقل ومن إليهم المرجع في الصحيح والسقيم من الآثار، وقد ذكرنا فيما تقدم أنهم لم يصححوا منها خبراً واحداً، ولم يحتجوا منها بحديث واحد، بل ضعفوا جميع ما ورد في ذلك وطعنوا فيه وبينوا سبب ضعفه وحكم عليه جماعة منهم بالكذب والوضع.
وكذلك دعواه إجماع السلف والحلف على قوله، فإذا أراد بالسلف المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان فلا يخفى أن دعوى إجماعهم مجاهرة بالكذب، وقد ذكرنا غير مرة فيما تقدم أنه لم يثبت عن أحد من الصحابة شيء من هذا إلا عن ابن عمر وحده، فإن ثبت عنه إتيان القبر للسلام عند القدوم من سفر ولم يصح هذا عن أحد غيره ولم يوافقه عليه أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا من الخلفاء الراشدين ولا من غيرهم.
وقد ذكر عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن عبيد الله بن عمر أنه قال: ما نعم أن أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك إلا ابن عمر، وكيف ينسب مالك إلى مخالفة إجماع السلف والخلف في هذه المسألة، وهو أعلم أهل زمانه بعمل أهل المدينة قديماً وحديثاً، وهو يشاهد التابعين الذين شهدوا الصحابة وهم جيرة المسجد وأتبع الناس للصحابة، ثم يمنع الناذر من إتيان القبر ويخالف إجماع الأمة، وهذا لا يظنه بمالك إلا