للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخطاب رضي الله عنه أنه كان يقول: اللهم ارزقني شهادة في سبيلك واجعل موتي في بلد رسولك (١) .

وقد ثبت في الصحيحين من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: جاء النبي صلى الله عليه وسلم يعودني وأنا بمكة وهو يكره أن يموت بالأرض التي هاجر منها، وفي رواية عن سعد قال: مرضت فعادني النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله ادع الله أنلا يردني على عقبي، فقال: ((اللهم اشف سعداً وأتمم له هجرته)) وفي لفظ فقال ((اللهم امض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم)) لكن البائس سعد بن خولة يرثي له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مات بمكة (٢) . وفي رواية لمسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على سعد يعوده بمكة فبكى فقال: ما يبكيك فقال: قد خشيت أن أموت بالأرض التي هاجرت منها كما مات سعد بن خولة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((اللهم اشف سعداً، ثلاث مرات)) (٣) .

وليس في شيء من هذه الروايات الصحيحة التي تقدم ذكرها عن نافع وغيره، عن ابن عمر ذكر زيارة القبر ولا قوله من جاءني زائراً لا ينزعه حاجة إلا زيارتي، فعلم أن ما رواه مسلمة بن سالم الجهني وموسى بن هلال العبدي من ذلك شاذ غير محفوظ وكأن هذين الشيخين سمعا شيئاً أو بلغهما أمر فلم يحفظاه ولم يضبطاه لكونهما ليسا من أهل الحديث ولا من المشهورين بحمل العلم ونقله، ولو كان ما روياه محفوظاً عن نافع لبادر إلى روايته عنه أيوب السختياني، ومالك بن أنس وغيرهما من أعيان أصحابه المعتمد على حفظهم وضبطهم وأتقانهم، فلما لم يتابعهما على ما نقلاه مختلفين فيه ثقة يحتج به بل خالفهما فيما روياه الثقات المشهورين والعدول الحفاظ المتقنون، علم خطؤهما فيما حملاه ولم يجز الرجوع إليهما ولا الاعتماد عليهما فيما روياه والله الموفق.

فإن قيل: وقد ورد معنى الخبر الذي رواه مسلمة بن سالم الجهني من وجه آخر لم يذكره المعترض، قال بعض الحفاظ في زمن ابن مندة والحاكم في كتاب كبير له وقفت على بعضه، حدثنا أبو الحسن حامد بن حماد بن المبارك السر من رائي بنصيبين، حدثنا أبو يعقوب إسحاق بن سيار بن محمد النصيبي، حدثنا أسيد بن زيد، حدثنا عيسى بن


(١) ٤/١١٠٠ مع الفتح.
(٢) أخرجه البخاري ١٠/١٢٠، ١١/١٧٩، ٣/١٦٤، ٧/٢٦٩، ١١/١٧٩، ومسلم ٣٠/١٢٥٠ - ١٢٥٣.
(٣) ٣/١٢٥٣.

<<  <   >  >>