للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عشرة آلاف حديث لا يجوز الاحتجاج به بحال، وقال البرقاني (١) : هو ذاهب الحديث وقال الخطيب (٢) ، كان يذكر بالحفظ غير أن حديثه كثير المناكير.

فإذا كانت هذه حال صالح بن أحمد بن أبي مقاتل عن أئمة الجرح والتعديل فكيف يقبل توثيقه لرجل غير ثقة أو بصار إلى روايته التوثيق لغير عدل عمن لا يرجع إلى قوله ولا يلتفت إلى كلامه؟ فكيف يقدم مثل هذا التوثيق للنعمان بن شبل على قوم موسى بن هارون الحمال؟ إنه منهم وقد عرف أنه أراد تهمة الكذب، مع العلم بأن موسى بن هارون من كبار أئمة الصنعة وعلماء هذا الشأن العارفين بعلل الأحاديث المرجوع إلى قولهم وجرحهم وتعديلهم ولم يخالفه أحد في قوله هذا، بل وافقه عليه أبو حاتم بن حبان وغيره كما تقدم.

ولو ثبت أن النعمان بن شبل وثقة من يعتمد على توثيقه ويرجع إلى تعديله لميكن في ذلك ما يتقضي قبول ما روى عنه في الزيادة، ولا قوته، فإن الحمل فيه على غيره والطعن فيه على ابن ابنه محمد بن محمد بن النعمان، كما ذكر ذلك شيخ الصنعة إمام عصره وفريد دهره ونسيج وحده الحافظ الكبير أبو الحسن الدارقطني، ولم يخالفه أحد يعتمد على قوله (٣) .

ومن العجب قول هذا المعترض في آخر كلامه على الحديث: فلا جرم قبلنا كلام الدرقطني ورددنا كلام ابن الجوزي مع أن كلام الدارقطني، وكلام ابن الجوزي متفق غير مختلف. فإن الدارقطني ذكر أن الحديث منكر، وأن الطعن والعمل فيه على محمد بن محمد بن النعمان وابن الجوزي ذكره في الموضوعات، وحكى قول الدارقطني محتجاً به، ومعتمداً عليه فقبول المعترض قول أحدهما ورده قول الآخر مع اتفاقهما في المعنى من باب الخبط والتخبيط وليس ذلك ببدع في كلامه وتصرفاته.

والحاصل أن هذا الحديث الذي تفرد به محمد بن محمد بن النعمان عن جده عن مالك لا يحتج به ويعتمد عليه إلا من أعمى الله قبله، وكان من أجهل الناس بعلم المنقولات، ولو فرض أنه خبر صحيح وحديث مقبول لم يكن فيه حجة إلا على الزيارة


(١) انظر ترجمته في الميزان للذهبي ٢/٢٧٨ قال الذهبي رحمه الله تعالى في كتابه المغني في ترجمته دجال كذبة الدارقطني ١/٣٠٢.
(٢) انظر التاريخ للخطيب ٩/٣٢٩.
(٣) انظر الميزان للذهبي ٤/٢٦.

<<  <   >  >>