للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القرآن خشية التباسه بغيره، والإذن بالكتاب كان في غير ذلك الوقت. أو أن النهي كان عن كتابة غير القرآن مع القرآن في صحيف واحدة، والإذن كان بكتاب ذلك متفرقا حتى يؤمن الالتباس. أو يقال: كان النهي عن الكتابة متقدما لخوف التباس القرآن بالحديث، أو لخوف الاتكال على الكتاب، وإهمال الحفظ، أو غير ذلك، وكان الإذن متأخرا ناسخا للنهي السابق، عند أمن اللبس، أو عدم الخوف من الاتكال على المكتوب.

على أن بعض العلماء يرى أن حديث أبي سعيد هذا، موقوف عليه وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك البخاري وغيره.

وعلى أي حال، فإن الحديث لم يكتب في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، على النحو الذي كتب عليه القرآن، فلم يأمر النبي أحدا من كتاب الوحي بكتابة حديثه، وإن وجد من بعض الأفراد كتابة شيء فذلك قليل جدا، وقد كان جل اعتمادهم على الحفظ كما رأيت.

ثم إننا لو لم نلتف إلى قول بعض العلماء في وقف حديث أبي سعيد، وقلنا برفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الذي نميل إليه، ونستظهره هو أن آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو الإذن بكتابة الحديث، ودليلنا على ذلك:

أولا: ما رواه البخاري عن ابن عباس أنه قال: "لما اشتد بالنبي صلى الله عليه وسلم وجعه، قال: "ائتوني بكتاب أكتب لكم كتاا لا تضلوا بعده ... الحديث "، فقد هم النبي صلى الله عليه وسلم، أن يكتب لأصحابه كتابا حتى لا يختلفوا من بعد، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يهم إلا بحق، فهذا منه صلى الله عليه وسلم نسخ للنهي السابق في حديث أبي سعيد.

<<  <   >  >>