عليه وسلم أمته بعبارة نفسه وسائر الأحاديث لم يضفها إلى الله تعالى، ولم يروها عنه تعالى"، وحكمة أضافتها إليه تعالى على هذا القول دون بقية الأحاديث، زيادة الاهتمام بمضمونها، وتوجيه النفوس إلى ما اشتملت عليه من المعاني والآداب.
"الحكمة في أن الوحي المحمدي منه ما نزل باللفظ، ومنه ما نزل بالمعنى".
من آثار رحمة الله تعالى أن جعل الشريعة المحمدية من دون الشرائع السابقة شريعة باقية خالدة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فأنزل القرآن الكريم وحيا يتلى إلى قيام الساعة، محفوظا من التبديل والتغيير:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} ، فكان دليلا قائما وبرهانا ساطعا على إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم إلى يوم الدين، وكان خير حافظ للشريعة المحمدية من عبث العابثين، وتحريف الغالين وانتحال المبطلين، وكان وما يزال نورا ساطعا وضياء للمتقين:{يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} .
وكما حفظ الله شريعته بكتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه رفع الإصر والحرج عن خلقه، فأنزل على نبيه الكريم إلى جانب القرآن العزيز نوعا آخر من الوحي، هو السنة أنزلها عليه بالمعنى، وجعل اللفظ إليه إيذانا بأن في الأمر سعة على الأمة، وتخفيفا عليها، وأن المقصود هو مضمونها لا ألفاظها، فيجوز لصحابته ومن بعدهم أن يبلغوها عنه صلى الله عليه وسلم باللفظ النبوي، وهو الأولى والأحوط لما في قوله صلى الله عليه وسلم من أنوار النبوة، وضياء الرسالة والفصاحة العربية، التي لا يلحق شأوه فيها، ويجوز لهم أن يبلغوها عنه صلى الله عليه وسلم