ولا زراعة، فحفظ ما لم يحفظوا، وسمع ما لم يسمعوا، فلما بين لهم السبب سكتوا عنه.
ولنسلم ما زعموه من أنهم كانوا شاكين لا متعجبين، أفما كان ينبغي أن يأخذوا من تركهم إياه، يحدث بعد ذلك مدة عمره -وقد عمر بعد رسول الله نحوا من خمسين سنة- أنهم اقتنعوا بتعليله، وزال هذا الشك من نفوسهم، إذ لو كانوا يرون في حديثه بأسا لكفوه عن التحديث، وهم من نعلم في المحافظة على حديث رسول الله، والخوف أن يتسع الناس فيه، ويدخله التدليس والكذب.
٢- وأما زعمهم أن روايته ضمنها أتفه الأشياء بأسلوب مؤثر، وذلك يدل على ما امتاز به من روح المزاح، الأمر الذي كان سببا في ظهور كثير من القصص، وعزوهم ذلك إلى ابن قتيبة، فليس شيء أوغل في التضليل والإبهام من هذا -نحن لا ندري ما هي هذه الأحاديث التي زعموها، وكان يجب عليهم أن يبينوها لنا لنناقشهم فيها. وكان يجب عليهم أيضا إذ عزوا لابن قتيبة، أن يذكروا اسم ذلك الكتاب، فإن لابن قتيبة مؤلفات كثيرة، طبع منها كثير، إنهم لو فعلوا ذلك لكنا نبين لهم أن ما في ابن قتيبة ليس كما فهموه، إذ لا يعقل أن يثنى ابن قتيبة الثناء المستطاب على أبي هريرة في كتابه "تأويل مختلف الحديث" ص٤٨ وما بعدها، ثم هو ينسب إليه ما ذكره أصحاب الدائرة.
٣- وأما ما نقلوه من وصف "شبرنجر" لأبي هريرة من أنه المتطرف في الاختلاق ورعا، فلسنا ممن يؤمن بقول "شبرنجر" وغير "شبرنجر"، من المتطرفين في الاختلاق على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، تضليلا للمسلمين، وتشويشا على الدين، وإيذاء للحقيقة، وسترا