للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنزل إلينا وأنزل إليكم، وإلهنا وإلهكم واحد، ونحن له مسلمون"، وحكمة النهي عن التصديق، والتكذيب في هذا الضرب من أخبارهم أفصح عنها حديث أبي نملة الأنصاري عند ابن عبد البر: "أنه بينا هو جالس عند رسول الله صلى الله عله وسلم جاءه رجل من اليهود، فقال: يا محمد هل تتكلم هذه الجنازة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الله أعلم"، فقال اليهودي: أنا أشهد أنها تتكلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، وقولوا: آمنا بالله وكتبه ورسله، فإن كان حقا لم تكذبوهم، وإن كان باطلا لم تصدقوهم ولفظ عبد الرزاق في هذا الحديث: "فإن كان باطلا لم تصدقوه، وإن كان حقا لم تكذبوه وقد أشار إلى ما أسلفنا صاحب فتح الباري إذ يقول: "قوله لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم"، أي إذا كان ما يخبرونكم به محتملا، لئلا يكون في نفس الأمر صدقا فتكذبوه، أو كذبا فتصدقوه، فتقعوا في الحرج، ولم يرد النهي عن تكذيبهم فيما ورد شرعنا بخلافه، ولا عن تصديقهم فيما ورد شرعنا بوفاقه، نبه على ذلك الشافعي رحمه الله. ا. هـ "ج٨-ص١٢٩ من الأميرية".

٣- ولا ينبغي أن يجعل من تلقى الإسرائيليات على هذا الوجه، ذريعة للطعن في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك؛ لأنهم كانوا يزنوها بالميزان الشرعي كما أسلفنا، وكان ذلك منهم بعد استقرار أصول الشريعة وإرساء قواعدها، وكان في الأخبار والقصص لا في العقائد والأحكام، فلم تكن رواية هذه الأخبار بالتي تزلزل عقائدهم، أو تشوش أفكارهم، ومنزلتهم معروفة في العلم والدين -كما لا ينبغي أن يتخذ من رواية هذه الإسرائيليات، وسيلة للطعن في رواتها من

<<  <   >  >>