العلم١ لا سيما إن تعددت طرقه، أو انضم إليه ظاهر القرآن الكريم، أو إجماع علماء الدين.
ونفيد هنا أن الإمام البخاري في آخر صحيحه عقد كتابا خاصا بالتوحيد، أثبت فيه لله عز وجل كثيرا من أوصاف الكمال والجلال، بمقتضى الأحاديث الصحيحة، قال الحافظ في فتح الباري:"الذي يظهر من تصرف البخاري في كتاب التوحيد، أنه يسوق الأحاديث التي وردت في الصفات المقدسة، فيدخل كل حديث منها في باب، ويؤيده بآية من القرآن، للإشارة إلى خروجها عن أخبار الآحاد، على طريق التنزل في ترك الاحتجاج بها في الاعتقاديات، وأن من أنكرها خالف الكتاب والسنة جميعا، وقد أخرج ابن أبي حاتم في كتاب الرد على الجهمية بسند صحيح، عن سلام بن أبي مطيع، وهو شيخ شيوخ البخاري، أنه ذكر المبتدعة فقال: ويلهم ماذا ينكرون من هذه الأحاديث، والله مافي الحديث شيء إلا وفي القرآن مثله، يقول الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِير} ، {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَه} ، {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} ، {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} ، {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} ، {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ، ونحو ذلك فلم يزل -أي سلام بن أبي مطيع- يذكر الآيات من العصر إلى غروب الشمس". ا. هـ "١٣-٣٠٤" من الأميرية.
١ روي عن مالك وأحمد، وجماعة من أهل الحديث أن خبر الواحد الصحيح يفيد القطع، وحكاه ابن حزم عن داود وانتصر له، وأفاد الحافظ في شرح النخبة أنه يفيد العلم إذا احتف بالقرائن، ومثل له بما أخرجه الشيخان في صحيحيهما، وبالمشهور إذا كانت له طرق متباينة سالمة من ضعف الرواة والعلل، وبالمسلسل بالأئمة الحفاظ حيث لا يكون غريبا.