هو، أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس، بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي، يلتقي نسبه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عبد مناف، والسائب بن عبيد أسلم يوم بدر، وابنه شافع بن السائب من صغار الصحابة، وأم الشافعي من الأزد. ولد الشافعي رحمه الله بغزة سنة ١٥٠هـ، ومات أبوه، وهو صغير فحملته أمه إلى مكة، وهو ابن سنتين لئلا يضيع نسبه، فنشأ بها وقرأ القرآن وأقام في هذيل نحوا من عشر سنين، فعلم منهم اللغة والشعر، وأخذ الفقه والحديث، عن مسلم بن خالد الزنجي، مفتي مكة وغيره من الأئمة، ثم قدم المدينة فلزم مالكا رحمه الله، وأكرمه مالك لعلمه وفهمه وعقله وأدبه، وقرأ الموطأ عليه حفظا فأعجبته قراءته، فكان مالك يستزيده من القراءة لذلك، وكان للشافعي حين قدومه المدينة ثلاث عشرة سنة، ولفقهره ساعده مصعب بن عبد الله القرشي، قاضي اليمن عند هارون الرشيد، فولاه الحكم بنجران من أرض اليمن، ثم وشى به إلى الرشيد أنه يروم الخلافة فاستقدمه الخليفة إلى بغداد سنة ١٨٤هـ، وعمره ثلاثون سنة، فتناظر هو ومحمد بن الحسن بين يدي الرشيد، وأحسن محمد القول فيه، وتبين للرشيد براءته مما نسب إليه، وأنزله محمد بن الحسن عنده، وأكرمه وكتب عنه الشافعي وقر بعير، وعاد الشافعي إلى مكة، ثم قدم العراق للمرة الثانية سنة ١٩٥هـ، فاجتمع به جماعة من العلماء هذه المرة، منهم أحمد بن حنبل، وأبو ثور والحسين بن علي الكرابيسي، والزعفراني، وغيرهم، وصاروا يأخذون عنه، وأملى عليهم مذهبه القديم، ثم رجع إلى مكة، وفي سنة ١٩٨هـ رحل إلى العراق للمرة الثالثة، فأقام بها مدة يسيرة