للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار"، وبعملهم هذا سلمت الأحاديث من وضع الزنادقة والخوارج، ومن سار على طريقهم، وقد اطلعت على ما قدمناه من الجهود الجبارة التي قام العلماء بها في القرن الأول، والثاني حيال الأحاديث وتمحيصها.

وأما زعمهم أن السنة ليست حجة، يعتمد عليها في الدين فهذا زعم باطل سبقهم إليه أهل الأهواء في العصور الأولى، والكتاب والسنة وإجماع العلماء وعمل المسلمين في جميع العصور يناقض هذه الدعوى، ويأتي على بنيانها من القواعد، هذا وتقدمت البراهين الساطعة على حجية السنة في المقدمة، وفي كلام الإمام الشافعي رضي الله عنه، ومناظراته لبعض من ينكر حجية السنة فارجع إليها إن شئت١.

ثانيا: قالوا: إن العصر الأول كان مثار خصومة بين الأمويين، والعلماء الأتقياء الذين اشتغلوا بجمع الحديث والسنة، ونظرا؛ لأن ما بأيديهم من الأحاديث لم يسعفهم في تحقيق أغراضهم أخذوا يخترعون أحاديث، لا تنافي الروح الإسلامية في مناقب آل بيت علي بن أبي طالب، وامتداحهم فيكونون بذلك قد ثلبوا الأمويين، وهاجموهم ولكن من طريق غير مباشر، وبرروا عملهم هذا بأنهم إنما يحاربون الظلم، والطغيان وقد ردت عليهم الحكومة، فوضعت الأحاديث ودعت إلى وضعها، وقد كانت طريقة الأمويين كما قال معاوية للمغيرة بن شعبة: "لا تهمل في أن تسب عليا، وأن تطلب الرحمة لعثمان، وأن تسب أصحاب علي، وتضطهد من أحاديثهم وعلى الضد من هذا أن تمدح عثمان، وأهله وأن تقربهم وتسمع إليهم"، وقد استغل الأمويون لذلك أمثال الإمام الزهري في وضع الأحاديث، ومن هذه الأحاديث حديث: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى"، فهذا الحديث يمثل


١ انظر ص٢١، وص٢٧٢.

<<  <   >  >>