للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال السيوطي في التدريب: "فعلى ما نقل عن أبي داود، يحتمل أن يريد بقوله "صالح" الصالح لاعتبار دون الاحتجاج، فيشمل الضعيف أيضًا. لكن ذكر ابن كثير أنه روى عنه: "وما سكت عنه فهو حسن"، فإن صح ذلك فلا إشكال"١ ا. هـ.

هذا، وكلام أبي داود فيما يتعلق بكتابه -وقد نقل ابن الصلاح بعضه- مأخوذ من رسالته إلى أهل مكة، ونحن ننقل لك شيئا منها.

قال: "إنكم سألتموني أن أذكر لكم الأحاديث، التي في كتاب السنن أهي أصح ما عرفت في الباب. فاعلموا أنه كله كذلك، إلا أن يكون قد روي من وجهين أحدهما أقوم إسنادا والآخر أقوم في الحفظ فربما كتبت ذلك، ولا أرى في كتابي من هذا عشرة أحاديث ولم أكتب في الباب إلا حديثا، أو حديثين وإن كان في الباب أحاديث صحاح، فإنها تكثر وإنما أردت قرب منفعته فإذا أعدت الحديث في الباب من وجهين، أو ثلاثة فإنما هو من زيادة كلام فيه، وإنما تكون فيه كلمة زائدة على الأحاديث، وربما اختصرت الحديث الطويل؛ لأني لو كتبته بطوله لم يعلم بعض من يسمعه المراد منه، ولا يفهم موضع الفقه منه فاختصرته لذلك، وأما المراسيل فقد كان يحتج بها العلماء فيما مضى، مثل سفيان الثوري، ومالك، والأوزاعي حتى جاء الشافعي، فتكلم فيها وتابعه على ذلك أحمد بن حنبل، وغيره.

فإذا لم يكن مسند غير المراسيل، فالمرسل يحتج به، وليس هو مثل المتصل في القوة، وليس في كتاب السنن الذي صنفته عن رجل متروك الحديث شيء، فإذا كان فيه حديث منكر بينته أنه منكر، وليس على نحوه في الباب غيره. وما كان في كتابي من حديث فيه وهن شديد، فقد بينته ومنه ما لا يصح سنده، وما لم أذكر فيه شيئا فهو صالح، وبعضها أصح من


١ ص٥٥.

<<  <   >  >>