للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في تقريب صحيح ابن حبان". قالوا: وأصح من صنف في الصحيح المجرد بعد الشيخين ابن خزيمة، فابن حبان وقد نسبوا إليه التساهل في التصحيح، إلا أن تساهله أقل من تساهل الحاكم. قال الحازمي: "ابن حبان أمكن في الحديث من الحاكم".

ومنشأ تساهل ابن حبان أنه كان يقول: "من كان منكر الحديث على قلته لا يجوز تعديله إلا بعد السير. ولو كان ممن يروي المناكير، ووافق الثقات في الأخبار لكان عدلا مقبول الرواية، إذ الناس في أقوالهم على الصلاح والعدالة، حتى يتبين منهم ما يوجب القدح هذا حكم المشاهير، فأما المجاهيل الذين لم يرو عنهم إلا الضعفاء، فهم متروكون على الأحوال كلها". قال ابن حجر في مقدمة لسان الميزان، بعد أن حكى قوله هذا: "وهذا الذي ذهب إليه ابن حبان من أن الرجل إذا انتفت جهالة عينه كان على العدالة، حتى يتبين جرحه مذهب عجيب، والجمهور على خلافه، وهذا هو مسلك ابن حبان في كتاب الثقات، فإنه يذكر خلقا ممن نص عليهم أبو حاتم، وغيره على أنهم مجهولون. وقد أفح ابن حبان بقاعدته فقال: العدل من لم يعرف فيه الجرح، إذ التجريح ضد التعديل، فمن لم يجرح فهو عدل حتى يتبين جرح، إذ لم يكلف الناس ما غاب عنهم، وقال في ضابط الحديث الذي يحتج به: "إذا تعرى رواية من أن يكون مجروحا، أو فوقه مجروح أو دونه مجروح، أو كان سنده مرسلا أو منقطعا، أو كان المتن منكرا". ا. هـ فمن هذا ترى أن ابن حبان، يحكم للرجل بالعدالة إذا انتفت جهالة عينه١، حتى يتبين جرحه


١ وجهالة العين ترفع عنده برواية واحد مشهور، وهو مذهب شيخه ابن خزيمة. ومجهول العين عند الجمهور، هو كل من لم يعرفه العلماء، ومن لم يعرف حديثه إلا من جهة راو واحد.

<<  <   >  >>