للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢- أن العلم بتاريخ الرواة يعرف به المتقدم، والمتأخر من أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيعلم أن أحد الخبرين ناسخ، والآخر منسوخ عند تعارضهما مع تعذر الجمع بينهما، وبذلك يذهب التعارض، ويندفع التناقض عن حديثه -صلى الله عليه وسلم.

٣- الوقوف على اتصال السند، وانقطاعه فقد يقع من بعض الرواة الكذب أو التدليس، أو الارسال ولا يظهر ذلك إلا للعالم بالتاريخ الواقف على حقيقة الحال، وكثيرا ما حكم العلماء على رواة بالكذب، وعلى أحاديث بالوضع بسبب اطلاعهم على تواريخهم، وأنهم لم يلتقوا بمن حدثوا عنه، بل ولدوا بعد موتهم بسنين طوال، وإليك بعض الأمثلة: سأل إسماعيل بن عياش رجلا أي سنة كتبت، عن خالد بن معدان؟ فقال: سنة ١١٣هـ، فقال: أنت تزعم أنك سمعت خالد بن معدان بعد موته بسبع سنين، فإنه مات سنة ١٠٦هـ، وسأل الحاكم محمد بن حاتم الكشي، عن مولده لما حدث عن عبد عن حميد، فقال سنة "٢٦٠"، فقال: هذا سمع من عبد بن حميد بعد موته بثلاث عشرة سنة، وروى مسلم في مقدمة صحيحه، أن المعلى بن عرفان قال: حدثنا أبو وائل قال: خرج علينا ابن مسعود بصفين. قال أبو نعيم: يعني الفضل بن دكين حاكيه، عن المعلى- أتراه بعث بعد الموت وذلك؛ لأن ابن مسعود توفي سنة ٣٢هـ قبل انقضاء خلافة عثمان بثلاث سنين، وصفين كانت في خلافة علي بعد ذلك.

هذه أمثلة ناصعة تصور لنا مبلغ حرص هؤلاء الأعلاء، وعنايتهم بالوقوف على أحوال الرواة، واهتمامهم البالغ بالرواية والإسناد لذلك قال سفيان الثوري: "لما استعمل الرواة الكذب، استعملنا لهم التاريخ"، وقال حفص بن غياث القاضي: "إذا اتهمتم الشيخ، فحاسبوه بالسنين"،

<<  <   >  >>