للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم صنف في هذا النوع من العلم، الإمام أبو عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، المتوفى سنة٢٧٦هـ، وسمى كتابه "تأويل مختلف الحديث"، رد فيه على أعداء أهل الحديث، وجمع بين الأخبار التي ادعوا فيها التناقض، وأجاب عما أوردوه من الشبه على بعض الأخبار المتشابهة، وقد أحسن فيه كثيرا وأجاد، وكتابه مطبوع متداول في جزء صغير، ثم صنف أيضا محمد بن جرير الطبري "٣١٠"، وأبو يحيى زكريا بن يحيى الساجي "٣٠٧"، وأبو جعفر الطحاوي "٣٢١"، وسمى كتابه مشكل الآثار، وهو من أجل كتبه ولأبي الفرج بن الجوزي "٥٩٧" "التحقيق في أحاديث الحلاف"، هذا وقد كان أمام الأئمة ابن خزيمة من أحسن الناس كلاما في هذا النوع من فنون الحديث، حتى روى عنه أنه قال: "لا أعرف حديثين متضادين، فمن كان عنده، فليأتيني به أؤلف بينهما". ا. هـ١.

٦- معرفة الناسخ والمنسوخ من الحديث:

عني السلف الصالح من الصحابة والتابعين، فمن بعدهم بمعرفة الناسخ والمنسوخ، وهو فن صعب المنال، إلا على جهابذة السنة، وحفاظها الواقفين على تاريخ التشريع الإسلامي. قال الإمام الزهري "١٢٤": "أعيا الفقهاء وأعجزهم أن يعرفوا ناسخ الحديث من منسوخه"، وقد كان للإمام الشافعي -رضي الله عنه- في هذا النوع من علوم الحديث، اليد الطولى والسابقة الأولى، فالإمام أحمد بن حنبل على جلالته في علم السنة، يقول لابن وارة -وقد قدم من مصر: كتبت كتب الشافعي؟ قال: لا، قال: فرطت، ما علمنا المجمل من المفسر ولا ناسخ الحديث من منسوخه، حتى جالسنا الشافعي.


١ التدريب ص١٩٧، وما بعدها. مقدمة ابن الصلاح ص١٤٣، كشف الظنون ج١ ص٢٠٦، مفتاح السنة ص١٥٤، الرسالة المستطرفة ص١١٨، وما بعدها.

<<  <   >  >>