بعيد، وتلقى عنه، وذلك كالأحاديث التي رواها رتن الهندي مدعيا أنه لقى النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو لم يظهر إلا بعد ستمائة سنة من الهجرة، فإن بعض الجهال يزعم أنه اجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم وسمع منه، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: عمرك الله، فهذا ليس له أصل عند أئمة الحديث إذ إنه لم يعش أحد من الصحابة ممن لقي النبي، صلى الله عليه وسلم، أكثر من خمس وتسعين سنة، غير أبي الطفيل، حتى إن الناس بكوا عليه، وقالوا: هذا آخر من لقي النبي، صلى الله عليه وسلم.
١١- من أدلة الوضع في الحديث، ادعاء بعض الصوفية أنه تلقى الحديث، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، بطريق الكشف، دون أن يكون له سند متصل صحيح، أو بطريق الرؤيا كذلك إذ إنه من المتفق عليه بين علماء الدين أن الرؤيا، والكشف لا يتقرر بهما حقيقة شرعية، لما يكتنفهما من التخليط وعدم الضبط، فإضافة شيء إلى الدين من غير أن يقوم عليه دليل من الكتاب، أو السنة المتلقاة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، بالسند الصحيح يعتبر ابتداعا في الدين، وزعما باطلا مردودا على من يزعمه.
هذا وقد تكلم المحدثون على سبيل الإجمال، والتفصيل في معرفة الموضوعات والوضاعين، فتراهم يقولون: من الأحاديث الموضوعة أحاديث الاكتحال، والأدهان والتطيب يوم عاشوراء، والأحاديث التي وضعها بعض الزنادقة، وجهلة المتصوفة في فضائل القرآن سورة سورة إلا ما استثنى١، والأحاديث التي تروى في التختم بالعقيق لا يثبت منها
١ قال الحافظ السيوطي في تدريبه: اعلم أن السور التي صحت الأحاديث في فضائلها: الفاتحة، والزهراوان، والأنعام، والسبع الطوال مجملا، والكهف، ويس، والدخان، والملك، والزلزلة، والنصر، والكافرون، والإخلاص، والمعوذتان، وما عداها لم يصح فيها شيء.