للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأحكام، وعن مبلغ عناية أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتابعين ومن بعدهم من أئمة الإسلام، باستقصائها وضبطها وتمحيصها ونفي الزيف عنها، وتحقيق أسانيدها، والتثبت من حال رواتها في الحفظ والضبط والعدالة، ثم تدوين علومها رواية ودراية، فهناك الصحاح، والمسانيد التي بلغ الضبط والتثبت فيها غايته، وهناك علم الحديث دراية، الذي يعرف منه شروط الرواية وشروط الصحة وكيفيات التحمل والأداء وأنواع الأحاديث المقبولة والمردودة، وهناك علم الجرح والتعديل، الذي يعرف منه حال كل راو من رواة الحديث قبولا وردا.

وبجانب ذلك ما ألف من الكتب في الموضوعات المنتحلة، لنفي نسبها من السنن الثابتة، وما سلكه أئمة الفقه حيال الأحاديث، التي اعتمدوا عليها في استنباط الأحكام، واتخذوها مجال أنظارهم ومدار اجتهادهم.

وكانت نتيجة هذه الجهود، التي لا نظير لها تمييز الصحيح من السنة والمقبول منها في الاستدلال، وبقاء السنة سليمة من كل شائبة.

وقد جرت سنة الله أن يكون لكل حق أعداء، ولكل نور من يحاول إطفاءه، ليميز الله الخبيث من الطيب، ويزداد الحق ثباتا ورسوخا، والنور ضياء ووضوحا، بتمسك أهله به، وقوة دفاعهم عنه، فكان للسنن في العصور الأولى أعداء من الملحدين والزنادقة، والداخلين في الإسلام على دخل ومكيدة، وممن تبعهم على جهالة وعمى بصيرة، فطعنوا في متونها ورواتها، وفي كتبها بما شاءت لهم الأهواء، ثم ارتدت سهامهم في نحورهم، ولم ينالوا منها منالا، بجهاد أولئك الأبطال من الأئمة الأعلام، الذين قعدوا لهم كل مرصد، وأخذوا عليهم كل سبيل.

وقسم لعصرنا من أولئك نفر من الكاتبين، تساقطوا كالفراش على تلك الشبه الواهية، والطعون البالية، التي افتراها الأقدمون من

<<  <   >  >>