للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"ردوها فاقسموها على فقرائكم". قالوا: يا رسول الله ما قدمنا عليك، إلا بما فضل عن فقرائنا. قال أبو بكر: يا رسول الله ما قدم علينا وفد من العرب مثل هذا الوفد، فقال عليه السلام: "إن الهدى بيد الله عز وجل، فمن أراد به خيرا شرح صدره للإيمان"، وجعلوا يسألونه عن القرآن والسنن.

فازداد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم رغبة. وأرادوا الرجوع إلى أهليهم، فقيل لهم: ما يعجبكم قالوا: نرجع إلى من وراءنا، فنخبرهم برؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتلاقينا إياه وما رد علنيا، ثم جاءوا إلى رسول الله صلى الله علهي وسلم، فودعوه فأرسل إليهم بلالا، فأجازهم بأرفع ما كان يجيز به الوفود. ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل بقي منكم أحد"، قالوا: غلام خلفناه على رحالنا، وهو أحدثنا سنا. قال: فأرسلوه فلما حضر قال: يا رسول الله أنا من الرهط الذين أتوك آنفا، فقضيت حوائجهم فاقض حاجتي، قال: "وما حاجتك"، قال: تسأل الله عز وجل أن يغفر لي ويرحمني، ويجعل غناي في قلبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم اغفر له وارحمه، واجعل غناه في قلبه"، ثم أمر له بمثل ما أمر به لرجل من أصحابه. ثم إنهم بعد ذلك وافوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى في الموسم إلا ذلك الغلام، فسألهم صلى الله عليه وسلم عنه، قالوا: يا رسول الله ما رأينا مثله قط، ولا حدثنا بأقنع منه بما رزقه الله. لو أن الناس اقتسموا الدنيا ما نظر نحوها ولا التفت إليها.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الحمد لله إني لأرجو أن يموت جميعا".

فقال رجل منهم: أو ليس يموت الرجل جميعا يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "تشعب أهواؤه وهمومه في أودية الدنيا، فلعل الأجل يدركه في بعض تلك الأودية، فلا يبالي الله عز وجل في أيها هلك".

من هذا ترى أن الوفود، كانت تقدم على رسول الله صلى الله عليه

<<  <   >  >>