عُرِف المصري بحبه للعلوم وتقديره لها، وكان ينظر إلى مركز العالم أو الكاتب نظرته إلى الشخص المحترم الذي يحكم بنفسه، أما من عداه من الطبقات الأخرى فكان يحكمه غيره، وربما كان هذا التقدير راجعًا إلى عظم شأن الكتاب حيث كانوا يرتفعون سريعًا ويتقلدون أعظم المناصب وأرفعها، ويقول أحد الكتاب في ذلك: إن الرجل المحظوظ هو الذي يضع العلم في قلبه، وعند مناقشته لمهنة الكتابة فضلها عن كل ما عداها من المهن، وذكر بأن الكاتب قد يصبح أميرًا حكيمًا، وكان المصري يعتقد بأن الكاتب يصل إلى الإله تحوت الذي يهبه العلم وينير له السبيل، ولذا كان الكاتب إذا ما وصل إلى مرحلة حاسمة في حياته يقوم بعمل تمثال لنفسه وهو يكتب أمام تمثال لهذا الإله.
وإذا ما أردنا أن نتعرف السبيل الذي كان يسلكه المصري في التعلم؛ فإننا نلاحظ أن بيوت التعليم أو المدارس كانت في أول الأمر تلحق بالبلاط، وكان يتعلم فيها الأمراء والنبلاء ويندمج معهم بعض أفراد عامة الشعب أيضًا، أما في الدولة الحديثة؛ فكانت المدارس تلحق بمختلف أقسام الحكومة، وعلى ذلك كان التلاميذ في هذه الأقسام يتمثلون في طائفتين: طائفة الصبية وطائفة المرءوسين، وقد يغير التلميذ اتجاهه بعد أداء الخدمة العسكرية؛ فمثلًا كان "باك أن خنسو" رئيسًا للإسطبلات الملكية قبل أن يصبح كبيرًا للكهنة؛ أي أنه في سن الخامسة عشر أو السادسة عشر كان رئيسًا للإسطبلات ثم تحول بعد ذلك لدراسة اللاهوت.