أدرك سكان بلاد النهرين منذ أقدم العصور ما تمتاز به طبيعة بلادهم من خصب؛ فالسهول الفيضية لنهري الدجلة والفرات تجود فيها الزراعة متى بذلت فيها العناية بشئون الري والصرف؛ ولذا نجد أن عمليات القنوات والجداول وصيانتها كانت من أهم المشاريع التي عني بها الملوك منذ عصور ما قبل الأُسَرِ؛ فهي إلى جانب إمدادها الأراضي البعيدة بالمياه أو استخدامها للصرف بقصد إصلاح الأرض كانت ممرات مائية تيسر المواصلات وعمليات النقل؛ ولذا كان من المحتم صيانتها والعناية بها؛ ونظرًا لأن الأراضي التي كانت تسير فيها رخوة في كثير من الأماكن، وجوانبها هشة؛ فإن المحافظة عليها كانت تتطلب مجهودات كبيرة، وقد نصت القوانين على معاقبة كل من يهمل أمر هذه المحافظة ويعد مسئولًا عن الأضرار التي تحدث لغيره بسبب ذلك الإهمال، هذا وقد استعان المزارعون عند انخفاض منسوب المياه في المجاري المائية بالشادوف أو أدوات رافعة "سواقي" تديرها الثيران.
وكانت المحاريث المستخدمة تجرها الثيران وهي شبيهة بالمحاريث الحالية وبعضها كان يزوَّد بما يشبه القمع لبذر البذور أثناء الحرث، وكان إيجار ثيران الحراثة محددًا، كما حدد القانون أيضًا مقدار التعويضات عن الحوادث التي تصيب هذه الماشية وعما تسببه من أضرار أيضًا، وبعد تمام الحصاد يؤخذ المحصول إلى أماكن الدرس حيث تقوم بهذه المهمة الثيران أو الحمير أو عربات تجرها الحيوانات، وقد حددت أجور كل منها كما حدد أجر