ليس من السهل أن نحدد العناصر الأصلية في ديانات بلاد النهرين القديمة؛ إلا أنه لا شك في أن عناصر الكون كانت تشكل معبودات رئيسية في اللاهوت، وقد نسب أهل بلاد النهرين القدامى إلى معبوداتهم بعض الصفات والعواطف الإنسانية؛ ولكنهم ميزوهم عن البشر بالخلود وبأنهم كانوا خيرين دائمًا، ولم يكن الشر من عملهم بل من أرواح خبيثة تفوق البشر ولكنها دون الآلهة.
وقد تخيل هؤلاء القوم أن العالم قبل نشأته يمثل فراغًا تميز بعنصرين مختلفين من الرطوبة: أحدهما الماء العذب والآخر يمثل الماء الملح وقد ولدت منهما كل الكائنات التي بدأت بمعبودين لم يلعبا دورًا ملحوظًا، ثم بعد فترة أنجبا كذلك معبودين آخرين يمثلان السماء والأرض ومن هذين الأخيرين جاء ثلاثة آلهة آخرين هم الثالوث الأعظم لمجموعة الآلهة البابلية "أنو- إنليل- إيا" وقد اعتبر الإله "أنو" الإله الأعظم من أقدم العصور، وكان يحكم في السماء؛ ولكنه لم يحتفظ بسلطته العليا كأسمى الآلهة حينما انتقلت السيادة من سومر إلى بابل؛ إذ أصبح إله هذه الأخيرة "مردوك" على رأس الآلهة فحل محل الإله أنو، وقد اعتبر الإله "أنليل" سيد الأرض إذ استطاع أن يصل إلى مكانة "أنو" بل وأصبح أيضًا أبًا للآلهة، وهو مستشارها الذي أحدث الطوفان كما كان يعد سيد الكائنات الإنسانية الذي عهد بهم إلى أمراء يقودنهم ويحكمونهم، أما الإله الثالث وهو "إيا" فكان يعد سيد الأرض يحكم في مسكن المعرفة أي المياه التي تحمل الأرض وتحيط