للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[العلوم والآداب]

بدأت الكتابة في بلاد النهرين كما بدأت في جهات أخرى من الشرق الأدنى بالتعبير عن الشيء بصورته، وقد استمرت هذه المرحلة التصويرية في الكتابة فترة ثم أخذت بعد ذلك أشكالها تختصر ويقل عدد المستعمل منها تدريجيًّا إذا أصبحت الصورة تعبر لا عن الشكل المرسوم فحسب؛ بل عن كل ما يرتبط به من معانٍ أيضًا؛ إلا أن ذلك أدى إلى صعوبة تأويل ما تدل عليه هذه العلامات، وقد أمكن تذليل هذه الصعوبة بالاصطلاح على معانٍ محددة لتلك الصور، ثم استعملت هذه الصور في كتابة ما تدل عليه من أصوات للتعبير عن الأفعال والأمور المعنوية فأصبحت كل منها ترمز إلى نطق معين يدل على كلمة، ومن هذه المرحلة الرمزية أمكن التوصل إلى جعل معظم الرموز تعبر عن مقاطع لفظية، أي أن التعبير بالكتابة في بلاد النهرين سار في نفس الطريق الذي سار فيه التعبير بالكتابة لدى المصريين؛ إلا أن هؤلاء الأخيرين توصلوا -فضلًا عن ذلك- إلى استخدام حروف هجائية بينما لم تصل الكتابة في بلاد النهرين إلى مثل هذه المرحلة.

ونظرًا لأن أهل بلاد النهرين قد استعملوا ألواحًا من الطمي للكتابة عليها بقلم مثلث؛ فإنه كان من العسير رسم الخطوط المنحنية واستعيض عنها بما يقاربها من خطوط مستقيمة، كما أن الخطوط التي كانت ترسم بذلك القلم تتخذ في نهايتها شكلًا يشبه رءوس المسامير؛ ولذا أصبح يطلق على كتابة بلاد النهرين اسم: الكتابة المسمارية، وقد انتشرت هذه الكتابة في أنحاء كثيرة من بلاد الشرق الأدنى القديم؛ فقد استعملها الحيثيون والعيلاميون والحوريون

<<  <   >  >>