بالرغم مما روي في أشعار هومر عن طروادة وفي الكتاب المقدس عن الحيثيين؛ فإن العالم المتحضر ظل لا يعلم شيئًا عن تاريخ وحضارة آسيا الصغرى، ومع أن الرحلات الاستكشافية إليها بدأت منذ عام: ١٧٦٤؛ إلا أن الجهود الأثرية فيها لم تبدأ إلا حوالي سنة ١٨٧٠، حينما أخذ سليمان يبحث عن آثار طروادة، ولو أن هذه الآثار كانت تمثل مظاهر حضارية أقرب لتلك التي سادت في اليونان منها إلى تلك التي سادت في بقية أنحاء آسيا الصغرى التي أخذت أنظار الباحثين تتجه إليها بعد ذلك، وقد أمكن التوصل إلى أن النقوش التي كانت على بعض الأحجار التي عثر عليها في حلب وتلك التي كانت على الصخور في جهات مختلفة من آسيا الصغرى ترجع إلى الحيثيين الذين عرفوا في النصوص المصرية، وفي الكتاب المقدس باسم "خاتي" كما أمكن التوصل إلى معرفة الكثير عن الحضارات التي سادت في شبه الجزيرة قبل عصرها التاريخي.
وقد تبين للباحثين أن موكب الحضارة في آسيا الصغرى لا يمثل سلسلة متكاملة وأن هذه الحضارة لم تتدرج في تطورها منذ أقدم العصور، دون أن تنتابها تأثيرات مفاجئة؛ غير أنه من الممكن إجمالًا القول بأن العصر التاريخي؛ يبدأ فيها بظهور الكتابة التي انتشرت بين طائفة من التجار الأشوريين الذين وفدوا إلى الأناضول حوالي سنة: ١٩٠٠ ق. م، ومن رسائلهم ويومياتهم عرفنا أن البلاد كانت تنقسم إلى إمارات يحكمها أمراء محليون، وكان بعض هؤلاء يحملون أسماء هندو أوروبية ويدعو