يشتغلون بنقل التجارة الآتية من الجنوب. أما التدمريون؛ فكانت عاصمتهم تدمر، ويبدو أن سكانها كانوا من القبائل التي استقرت في هذه المنطقة على طول الطريق التجاري الرئيسي بين شبه الجزيرة وشرق البحر المتوسط، ويبدو اختلاف أصول السكان وإرجاعهم إلى قبائل مختلفة- من النقوش التي خلفوها؛ إذ نجد نقشًا على تمثال يسجل الصلح بين قبيلتين متنازعتين، كما أن بعض النقوش وإن كانت تسجل اشتراك السكان في بعض الطقوس الدينية؛ إلا أن هذه النقوش تسجل أسماء تلك القبائل، وقد أقاموا تماثيل لآلهتهم المختلفة. ومهما كان الأمر فإنه نظرًا إلى أن هذه الدويلات الشمالية تقع في الطريق بين بلاد النهرين والشام؛ فقد تعرضت لهجمات الأشوريين والكلدانيين كما تعرضت الدويلات الأخرى المتاخمة لها من الجنوب، ومن ذلك مثلًا ما نعلمه من أن "تجلات بلسر الثالث" يتقبل خضوع أميرتين عربيتين إحداهما تدعى زبيبة والثانية تدعى سمسى، كما أن "سنحريب" يذكر بأنه توغل في الصحراء متعقبًا العرب الذين كانوا قد تقدموا إلى بابل واضطرهم إلى الاعتصام في مكان ما في قلب الصحراء، وعلى أي حال فإن خصائص ومميزات حضارات تلك الدويلات الشمالية ينبغي أن تكون موضوع الحضارات المعاصرة لليونان والرومان؛ لأن التواريخ المؤكدة لظهورها هي القرنين الثاني والأول قبل الميلاد كما سبق أن أشرنا، وقد سقطت البتراء سنة" ١٦م، وتدمر سنة: ٢٧٣م.