لا تعرف سكنى المدن ولا الزراعة؛ ولكن بعد أن استقروا في هذا الإقليم أخذوا عن أهله مظاهر الحضارة المختلفة وعرفوا الزراعة، وأسسوا دويلات قوية من أهمها تلك التي كانت في حوض الفرات الأوسط، وكانت عاصمتها "ماري"، وبلغ من قوة هذه الدويلات أن حاولت التوسع في بلاد النهرين؛ ولذا نجد أن أحد ملوك أسرة أور الثالثة قام بتشييد سور في "أور" أطلق عليه اسم: الجدار الذي يصد الأموريين، كما أن آخر ملوك هذه الأسرة افتخر بانتصاره عليهم بقوله: لقد اخضعت مارتو الذين في قوة العاصفة.
ومع أن الأموريين اقتبسوا الكثير من مظاهر حضارتهم من حضارات أهل المنطقة السابقين ومن جيرانهم إلا أن هؤلاء الجيران تأثروا بدورهم بمؤثرات أمورية؛ فمثلًا نجد أن البابليين والأشوريين أخذوا في قوانينهم مبدأ "العين بالعين والسن بالسن" الذي انتشر بين الجماعات السامية ومن بينها الأموريون، كما أنهم كذلك عبدوا بعض الآلهة الأمورية.
وقد وصلوا إلى مرتبة حضارية عظيمة، كما يستدل على ذلك من الآثار التي عثر عليها في عاصمتهم ماري؛ فقد أمكن الكشف عن بقايا قصر ملكي كان يشغل مساحة تزيد على خمسة أفدنة ويحتوي على أكثر من "٣٠٠" حجرة زينت جدران الكثير منها بصور ملونة بألوان زاهية ويشمل عددًا من الساحات والحمامات، وألحقت به بعض الدوائر الحكومية، كما عثر على أكثر من "٢٠٠٠٠" لوح من الألواح الطينية المكتوبة بالخط المسماري وهي تتضمن وثائق تتناول مختلف الشئون وتلقي كثيرًا من الضوء على النواحي السياسية والإدارية والاقتصادية والدينية التي سادت