للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

محاكاة جيرانهم الذين كانوا يعيشون في ممالك خاصة، -وأتيحت لهم فرصة ذلك عند اشتداد الحرب بينهم وبين الفلسطينيين فأنشئوا ملكية لهم يمكن اعتبار تأسيسها بداية تاريخ الأمة العبرية، وإن كنا نعتقد بأنهم لم يحرصوا على قوميتهم؛ بل ولم يخلصوا تمامًا لملكيتهم؛ فقد تركوا لغتهم السامية القديمة واتخذوا لغة الشعب الذي عاشوا بين ظهرانيه؛ فاستعملوا لغة الكنعانيين وأبجديتهم، ولم يكن لهم أدب؛ إلا بعد أن تعلموا فن الكتابة من جيرانهم، كما أنهم ظلوا محتفظين بنظامهم القبلي فيما يختص بالشئون الإدارية ولم يحكم الملك بينهم إلا حسب أوامر يهوا "الرب" كما يعلنها الصالحون منهم، ومهما كان الأمر؛ فإنهم كانوا أصلًا من البدو ولم يحترفوا الزراعة إلا بعد استقرارهم في الأراضي الخصيبة، ومع هذا ظل سكان المناطق المرتفعة منهم يعتمدون على الرعي كمورد أساسي لهم، وقد ارتبطت حياتهم الزراعية بكثير من الأفكار والقصائد التي لم يكن لهم بها عهد، ومارسوا الأعمال والطقوس التي اعتبرت ضرورية للخصب وضمان محصول طيب؛ فكانوا يضحون بأحد الحيوانات ويقدمون قرابين للمعبد من المحاصيل والماشية ويرقص ملكهم أمام تابوت العهد، واعترفوا بالآلهة المحلية التي تتعلق بالخصب والنماء بصفة خاصة إلى جانب معبودهم يهوا؛ ولذا كانت بعض العبادات والطقوس الكنعانية القديمة منتشرة بينهم؛ بل وأصبح الإله الكنعاني بعل في بعض الفترات منافسًا قويًّا للمعبود يهوا، وكانت فكرتهم عن الحياة الأخرى شبيهة بالفكرة لدى الكنعانيين ومعظم الأمم القديمة في المنطقة؛ إذ كانوا يدفنون مع موتاهم بعض الأدوات التي كانوا يستخدمونها في حياتهم اليومية.

<<  <   >  >>