للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحيثية لم يمكن تفسيرها تفسيرًا مرضيًا حتى الآن؛ بل وهناك من الدلائل ما يشير إلى أن أمثال هذه الكتابات كانت عسيرة الفهم بالنسبة للحيثيين أنفسهم؛ حتى إنهم أضافوا بعض الفقرات كترجمة حيثية بين السطور لمساعدة الموظفين على تفهم هذه الكتابات، وبالطبع فإن لغةً هذا شأنها واختلافها الواضح عن لغة الكلام كانت لا تيسر رقي العلوم والمعارف. والظاهر أن قيام الدولة على أساس مجدها العسكري لم يتحِ الفرصة لوجود نهضة أدبية كبيرة؛ فقد عثر على قصص بسيطة بدائية، كما أن بعض الروايات والأساطير والقصص القصيرة أيضًا ترجع إلى أصول بابلية وحورية، ولم يترك الحيثيون -مع الأسف- ما يعطينا فكرة عما توصلوا إلية في المعارف المختلفة كالهندسة والفلك والطب وغيرها.

أما في الفنون؛ فإن أقدم ما عثر عليه لا يستحق الذكر وخاصة؛ لأنه من إنتاج مستوطنين يرجح أنهم كانوا قبل مجيء الحيثيين، ولا يمكن أن نعتبر المنتجات الفنية حيثية إلا بابتداء عهد الإمبراطورية تقريبًا؛ ففن النحت لم يبدأ إلا مع الإمبراطورية ومع ذلك فإنه لم ينته بزوالها، ومن المرجح أن الحيثيين تأثروا في بعض أساليبهم الفنية بما كان متبعًا في شمال بلاد النهرين وسوريا. وقد بلغ النقش مرتبة عالية من التطور، ومع هذا فإن الأختام الأسطوانية التي كانت تستخدم في حفر الرسوم على الألواح الطينية كانت من اختراع بلاد النهرين. وعند بداية المملكة الحيثية ظهرت نقوش غائرة على الحجر يصاحبها خط هيروغليفي. ومما يلاحظ أن الفنان كثيرًا ما يلجأ إلى تمثيل الأشخاص متجهين سواء في موكب أو موكبين نحو نقطة واحدة "شكل ٣٤"، وقد اتبع الفنان طريقة الرسم التي

<<  <   >  >>