من رجال الحرب، ثم تطور اختصاص هذين المجلسين فأصبحا يهيمنان على كل الشئون المهمة في الدولة؛ بل وكان من حقها التحكم في انتخاب الملك، وعلى هذا يمكن اعتبار أن نظام الحكم في هذه المرحلة كان ديموقراطيًّا.
وما أن أخذت هذه الدويلات في الاتحاد تحت سلطان واحد حتى أصبح هذا النظام غير عملي للبت في الأمور وحسمها؛ فتركزت السلطات جميعها بأيدي الملوك ومعاونيهم، أو بمعنى آخر بيد الملك وحكومته، أي أصبح نظامًا أوتوقراطيا، وقد استند هؤلاء إلى الحق الإلهي للملك؛ إذ تشير الأساطير إلى أن شارات الملك كانت في السماء عند الإله "آنو" قبل أن تبدأ الملكية في الأرض، ثم هبطت الملكية وشارات الملك من السماء إلى الأرض، وانتخبت الآلهة حكام البشر؛ وعلى هذا أصبح لهؤلاء مكانة مقدسة؛ بل ربما اتخذوا صفات الآلهة نفسها ولكنهم لم يعبدوا كآلهة حقيقيين أثناء حياتهم وإنما عبدوا بعد وفاتهم.
وكان على الملوك بصفتهم مفوضين من الآلهة في حكم الناس أعباءُ كثيرة؛ إذ كان عليهم حماية الناس والبلاد وقيادة الجيش ونشر العدل وتوفير أسباب الرفاهية لرعاياهم بإقامة المشاريع العامة كما أنهم كانوا يقيمون المعابد لآلهتهم "شكل ٣٩"، ويحيون الشعائر فيها؛ ومع هذا لم تحل قدسيتهم دون الاعتداء عليهم والثورة ضدهم واغتصاب عروشهم.
وكان البلاط يسير على قواعد صارمة حيث يحظى بشرف المثول بين يدي الملك رجال الدولة على حسب مناصبهم ومراكزهم، وكان هؤلاء جميعًا يتخلون عن ألقابهم ومناصبهم وأوسمتهم عند اعتلاء ملك جديد