الإقطاعيات التي كونها الملوك كانت تمنح للمقربين من رجاله بصفة نهائية ويمكن توارثها.
ومن المعروف أن بلاد النهرين لم تقتصر على الزراعة وحدها؛ بل وجدت بها مراعٍ كثيرة، وهذه لم تكن في حاجة إلى عناية أكثر من إمدادها بالماء وقطع كَلَئِهَا أحيانًا، وكان الملاك يستأجرون رعاة لرعي حيواناتهم وهؤلاء كانوا يحصلون على أجور ثابتة وإن ضاعت من أحدهم بعض تلك الحيوانات كان لزامًا عليه أن يأتي بغيرها على حسابه، وكثيرًا ما نصت الاتفاقيات على أن يزيد الراعي عدد الحيوانات، وإن باع منها لمصلحته أو سرق شيئًا منها كان مكلفًا بدفع تعويض قد تصل قيمته إلى عشرة أمثال ما تصرف فيه، أما إذا حلت بالقطيع كارثة خارجة عن إرادته؛ فعليه أن يثبت ذلك وإلا كان عليه أن يعوض الخسارة على حسابه.
وكانت الإقطاعيات لا تقتصر على الأرض الصالحة للزراعة والمراعي فحسب؛ بل كانت تشمل كذلك ما فيها من حدائق ومبانٍ وعبيد أيضًا فكانت ملكيتها تنتقل بما حوت من مالك إلى آخر كما أنها أيضًا كانت تقدم بأكملها كرهن لضمان القروض، ولم يكن غريبًا أن يملك المزرعة أحيانًا عدة أشخاص على المشاع، وكان من الممكن أن يعارض بعض الأشخاص في حيازة مالك من الملاك وفي هذه الحالة كان لا بد من أن يحتكم أمام هيئة مكونة من ممثل للملك وكاتب المدينة وبعض الحكام والشيوخ والأعيان، وكان لا بد أيضًا لكل فريق من المتنازعين أن يدلي بحججه ويقدم الإثباتات أو المستندات الدالة على صحة دعواه وكان تخلف المدعي عن حضور هذه الجلسات يفقده حقوقه، فيعرض منادي المدينة العقار في المزاد.