قانون حمورابي، ومما نلاحظه في هذا الصدد أن تلك المواد عنيت بتحديد الأسعار وأجور المهنيين وأجور السفن والأجور التي تستحق على الأعمال المختلفة، ومن الغريب أن هذه المواد لم تهمل شأن الشركات؛ بل تناول بعضها كل ما يتعلق بتلك الشركات من نقل البضائع وإيداع الأموال والعمولة والمتاجرة لحساب الغير التي لم تكن قاصرة على المتاجرة لأصحاب رءوس أموال في داخلية البلاد فحسب؛ بل كثيرًا ما كان العملاء يقومون بهذه المتاجرة لأصحاب رءوس أموال في الخارج، ولم تكن التجارة قاصرة على الرجال وحدهم؛ بل كان للمرأة نصيب فيها حيث نصت القوانين على تمتعها بحرية التجارة.
ومن البديهي أن طرق المواصلات ووسائلها أهم دعامات التجارة وهي خير وسيلة لازدهارها، وقد اهتم ملوك بلاد النهرين بتأمين هذه الطرق؛ وخاصة في المناطق التي تقطنها قبائل مثيرة للمتاعب؛ حيث إنهم كانوا يشنون الحملات الحربية لإخضاع تلك القبائل ويشيدون الحصون والقلاع لضمان المحافظة على الأمن فيها وأنشئوا نظامًا للبريد، وأقدم ما وصلنا عن هذه المواصلات نموذج لقارب يرجع إلى عهد ما قبل الأُسَرِ، وبالطبع كان وجود البحر بالقرب من سكان جنوب بلاد النهرين سببًا في مهارتهم في الملاحة. ولو أن وجود النهرين والقنوات العديدة التي شقت لتسهيل الري والصرف كان سببًا كذلك في استخدام أنواع مختلفة من المراكب، ومنها أنواع ما زالت تستخدم إلى الآن -ويجدر بنا هنا أن نذكر بأن المواد التي استخدمت في صنع هذه المراكب كانت مما تجود به البيئة؛ فالجلود