حتى فازوا بقدر كبير من السلطة أيضًا، وهكذا نجد أن كبار رجال الجيش من جهة وكبار الكهنة من جهة أخرى قد تمكنوا تدريجيًّا من انتزاع الكثير من الامتيازات التي كان يتمتع بها الأمراء والنبلاء من قبل.
ونظرًا لتوسع الدولة الحديثة وكثرة فتوحاتها؛ زاد عدد الأجانب في مصر سواء جاءوا كأسرى حرب أو كرقيق أو كجنود مرتزقة، وقد استخدم هؤلاء في مختلف الأعمال وارتفع شأن الكثير منهم وزاد نفوذهم وأصبح منهم عدد وفير من كبار موظفي الدولة ووصل بعضهم إلى مكانة سامية في بلاط الفرعون نفسه.
وقد أدى هذا التوسع أيضًا إلى جانب ما حدث من تطور اجتماعي إلى تنوع الإدارات وضخامة عدد الموظفين، وكان أكثر هؤلاء عددًا -بالطبع- هم الكتبة الذين كانوا يسجلون كل شيء؛ فما من وارد إلى المخازن وما من منصرف يمكن إثباته؛ إلا إذا كان مسجلًا، كما كانت كل العقود والمعاملات الرسمية تسجل في وثائق تحفظ في إدارة السجلات وقد تعمل منها بعض النسخ أيضًا، وكان كل موظف يحرص على مرضاة رؤسائه وعلى حسن معاملة زملائه له؛ وإلا تعرض للكثير من المتاعب.
وكما هو الحال في كل عصر؛ كان بعض كبار الموظفين يميلون إلى جمع الكثير من الاختصاصات في أيديهم، وقد أدى ذلك إلى تمتعهم بالعديد من الألقاب؛ بينما عجزوا عن الاضطلاع بمهام وظائفهم فاكتفوا بمباشرة شئون أهم هذه الوظائف؛ تاركين بقية اختصاصاتهم لصغار الموظفين، وبالتدريج فقدت هذه الألقاب دلالتها وأصبحت ألقابًا جوفاء.
وكان يتبع كل إدارة من الإدارات عدد من العمال والصناع، وهؤلاء كانوا ينقسمون إلى فرق لكل منها رئيس، وقد وردت إشارات كثيرة يفهم منها أن العمال لم يكونوا دائمًا طائفة بائسة؛ بل كانوا يحصلون على