للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العهد منها١، وليت من جاء بعد عمر فعل هذا.

وقال الإمام الشافعي رحمه الله في حديث: "حدثوا عن بني إسرائيل، ولا حرج": "من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يجيز التحدث بالكذب فالمعنى: حدثوا عن بني إسرائيل بما لا تعلمون كذبه، وأما ما تجوزونه فلا حرج عليكم في التحدث به عنهم، وهو نظير قوله: "إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم، ولا تكذبوهم"، ولا يرد الإذن٢، ولا المنع من التحدث بما يقطع بصدقه٣.

وقال الحافظ في الفتح في حديث: "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم": أي إذا كان ما يخبرونكم به محتملا، لئلا يكون في نفس الأمر صدقا فتكذبوه، أو كذبا فتصدقوه، فتقعوا في الحرج، ولم يرد النهي عن تكذيبهم فيما ورد شرعنا بخلافه ولا عن تصديقهم فيما ورد شرعنا بوفاقه، نبه على ذلك الشافعي رحمه الله ويؤخذ من هذا الحديث: التوقف عن الخوض في المشكلات والجزم فيها بما يقع في الظن، وعلى هذا، يحمل ما جاء عن السلف من ذلك"٤.

وبهذا البيان والتوفيق بين المرويات في هذا الباب: ظهر أن لا تعارض بينها، ولا يخالف بعضها بعضا، وأن لكل حالة حكمها.

مقالة لابن تيمية في هذا:

وللإمام تقي الدين أحمد بن تيمية في هذا: مقالة جيدة، قال رحمه الله: الاختلاف في التفسير على نوعين منه ما مستنده النقل فقط ومنه ما يعلم بغير ذلك، إذا العلم إما نقل مصدق، وإما استدلال محقق والمنقول: إما عن المعصوم، وإما عن غير المعصوم..... وهذا هو النوع الأول، فمنه ما يمكن معرفة الصحيح منه، والضعيف، ومنه ما لا يمكن معرفة ذلك فيه، وهذا القسم الثاني من المنقول، وهو: ما لا طريق إلى


١ تفسير ابن كثير ج ٤ ص ٤١٢-٤١٣.
٢ هكذا في النسخة التي تحت يدي، ولعل فيها نقصا أي ولا يزد الإذن فيما علم كذبه حتى يكون الكلام متناسقًا متجهًا.
٣ فتح الباري ج ٦ ص ٣٨٨.
٤ فتح الباري ج ٨ ص ١٣٨.

<<  <   >  >>