للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يا رب ما عصيناك!! ورد كلام الله كفر، ننزه عنه من له علم بالله وصفاته، فضلًا عن الملائكة.

ثم كيف ترفع الفاجرة إلى السماء، وتصير كوكبا مضيئا، وما النجم الذي يزعمون أنه: "الزهرة" وزعموا أنه كان امرأة، فمسخت إلا في مكانه، من يوم أن خلق الله السموات والأرض.

وهذه الخرافات التي لا يشهد لها نقل صحيح، ولا عقل سليم هي كذلك مخالفة لما صار عند العلماء المحدثين أمرا يقينا، ولا أدرى ماذا يكون موقفنا أمام علماء الفلك، والكونيات، إذا نحن لم نزيف هذه الخرافات، وسكتنا عنها، أو انتصرنا لها؟!!

وإذا كان بعض العلماء المحدثين١ مال إلى ثبوت مثل هذه الروايات التي لا نشك في كذبها، فهذا منه تشدد في التمسك بالقواعد، من غير نظر إلى ما يلزم من الحكم بثبوت ذلك من المحظورات، وأنا لا أنكر أن بعض أسانيدها صحيحة أو حسنة، إلى بعض الصحابة أو التابعين، ولكن مرجعها ومخرجها من إسرائيليات بني إسرائيل، وخرافاتهم، والراوي قد يغلط، وبخاصة في رفع الموقوف، وقد حققت هذا في مقدمات البحث، وأن كونها صحيحة في نسبتها لا ينافي كونها باطلة في ذاتها، ولو أن الانتصار لمثل هذه الأباطيل يترتب عليه فائدة ما لغضضنا الطرف عن مثل ذلك، ولما بذلنا غاية الجهد في التنبيه إلى بطلانها، ولكنها فتحت على المسلمين باب شر كبير، يجب أن يغلق.

ويرحم الله الإمام الحافظ الناقد البصير: ابن كثير فقد نبه على أصل الداء، ووصف له الدواء، وبيَّن الحق والصواب في موقف المسلم من هذه الخرافات.

ما التفسير الصحيح للآية؟

وليس من شأني في هذا الكتاب مجرد الهدم والإبطال لهذه الإسرائيليات والخرافات فحسب، ولكني إلى ذلك سأعنى بتفسير الآيات التي حرفت عن مواضعها، تفسيرا علميا صحيحا، يشهد له النقل الصحيح، والعقل السليم، والسابق واللاحق من الآيات،


١ هو الحافظ ابن حجر، وتابعه السيوطي.

<<  <   >  >>