للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أيضاً على أن المناظرات بينهما كثيرة بعضها وقعت قبل الرجوع وكانت سبباً من أسبابه، وبعضها وقعت بعد الرجوع؛ لأنه لا مانع عقلاً ولا شرعاً من تكرار هذه المناظرات وقصرها على طور واحد، تحكم بلا دليل، والله أعلم.

القول الثالث تكافؤ الأدلة:

إن سبب رجوع الأشعري هو حيرته من جراء تكافؤ الأدلة بين الفرق عنده، بحيث لم يعد لطائفة عنده مزية عن طائفة.

١ ـ قال ابن عساكر: الأشعري شيخنا وإمامنا ومن عليه معولنا قام على مذاهب المعتزلة أربعين سنة، وكان لهم إماماً ثم غاب عن الناس في بيته خمسة عشر يوماً، فبعد ذلك خرج إلى الجامع، فصعد المنبر» وقال: «معاشر الناس! إني إنما تغيبت عنكم في هذه المدة، لأني نظرت فَتَكَافَأَتْ عندي الأدلة، ولم يترجح عندي حق على باطل ولا باطل على حق، فاستهديت الله تبارك وتعالى، فهداني إلى اعتقاد ما أودعته في كتبي هذه، وانخلع من ثوب كان عليه ورمى به ودفع الكتب إلى الناس، فمنها كتاب «الُّلمَع» وكتاب أظهر فيه عوار المعتزلة سماه بكتاب «كشف الأسرار وهتك الأستار» وغيرهما، فلما قرأ تلك الكتب أهل الحديث والفقه من أهل السنة والجماعة أخذوا بما فيها وانتحلوه واعتقدوا تقدمه، واتخذوه

<<  <   >  >>