اُخْتُلِفَ في سبب رجوعه، فبعض الروايات تجعل رجوعه مَنَامات رآها، وبعضهم يرى بأن ذلك من خلال خلل بان له في مذهب المعتزلة، اكتشفها في بعض مناظراته لهم، إلى غير ذلك، فأسهمت في رجوعه. ولعلي هنا استعرض الأقوال في ذلك:
القول الأول: الرؤى التي رآها في منامه:
الرؤيا الأولى: ذكرها ابن عساكر في تبيينه، فقال: «فأما سبب رجوع أبي الحسن عما كان عليه وتبرؤه مما كان يدعو إليه، فسببه، أن الشيخ أبا الحسن - رحمه الله -، لما تبحر في كلام الاعتزال، وبلغ الغاية، كان يورد الأسئلة على أستاذه في كل درس ولا يجد فيها جواباً شافياً فتحير في ذلك، فحكى عنه أنه قال:(وقع في صدري في بعض الليالي شيء مما كنت فيه من العقائد فقمت وصليت ركعتين، وسألت الله تعالى أن يهديني الطريق المستقيم، ونمت، فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المنام، فشكوت إليه بعض ما بي من الأمر، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «عَلَيْكَ بسُنَّتِي» فانتبهت، وعارضت مسائل الكلام بما وجدت في القرآن والأخبار، فأثبته ونبذت ما سواه ورائي ظِهْرِيّاً»)(١).