للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تصرح بأنه كان يثبت أن الله نفسه تأتيه عباده ويأتي عباده، مع قوله بأنه ليس بجسم، وكذلك أبو محمد عبدالله بن سعيد بن كلاب قبله وغيرهما. فإذا كان هؤلاء يقررون هذا التقرير، فكيف بمن لا ينفي الجسم ولا يثبته، أو بمن يثبته؟! وهذا الاستدلال منه ومن غيره من علماء الأمة وسلفها بهذه الأحاديث على أن الله فوق، يبين أن نزول الرب عندهم، ليس مجرد نزول شيء من مخلوقاته، مثل ملائكته، أو نعمته أو رحمته، ونحو ذلك، إذ لو كان المراد بهذا الحديث عندهم: هو نزول بعض المخلوقات لم يصح الاحتجاج به، على أنه فوق العرش، فإن ذلك يكون كإنزال المطر، وخلق الحيوان، وذلك مما لايستدل به على مسألة العرش، كما يستدل بقوله: (ينزل ربنا) فلما استدلُّوا بقوله: (ينزل ربنا) علم أنهم كانوا يقولون: إن الله هو الذي يُنزل لتستقيم الدلالة. ولهذا كل من أنكر أن الله فوق العرش، لا يمنع أن الله ينزل - ذلك الوقت - بعض المخلوقات (١).

قلت: بل صرح الأشعري كما في المقالات بالمجيء والنزول، حيث قال عند ذكر مقالة أهل السنة وأصحاب الحديث جملةً: ويصدقون بالأحاديث التي جاءت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- «إن الله ينزل إلى سماء الدنيا، فيقول: هل من مستغفر؟» (٢) كما جاء في الحديث، وَيُقِرُّونَ أن الله يجئ


(١) (انظر بيان تلبيس الجهمية (٨/ ٢٩ - ٣٠ و ١٨٤ و ١٨٥).
(٢) أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، كتاب التهجد، باب الدعاء والصلاة آخر الليل، حديث ١١٤٥، ٦٣٢١، ومسلم ٧٥٨.

<<  <   >  >>