فتقول: لم يزل يخطب ولا يفهم السامع من قولك لم يزل بأن هذا الخطيب قد خطب وانتهى وخطبته قديمة؛ بل يفهم السامع أن هذا الخطيب كان وما زال على منبره يخطب، وكقولك: لم يزل المطر نازلاً، ففرق بين كلمة لم يزل وفي الأزل فلو قال الإمام الأشعري بأن كلام الله أزلي لكان مع أصحاب هذا القول وجه احتجاج لكنه ما قال قط أزلي بل قال لم يزل فثمة فرق بين هذا وذاك.
٥ - شهد الأئمة الأثبات أن الأشعري في مسألة القرآن على منهج السلف الصالح، كشيخ الإسلام - رحمه الله - (١).
٦ - المتتبع لما ذكره الأشعري في كتاب الإبانة حول الكلام لا يجده ولو مرة واحدة ينطق بالكلام القديم، أو الكلام النفسي كما هو منهج عامة الأشاعرة، بل تجد له عبارات تدل على أنه يرى بأن صفة الكلام لله - عز وجل - صفة ذاتية اختيارية فعلية وهذا واضح من أقواله الآتية.
أ- واعلموا - رحمكم الله - أن أقوال الجهمية: إن كلام الله مخلوق يلزمهم به أن يكون الله عز وجل لم يزل كالأصنام التي لا تنطق ولا تتكلم لو كان لم يزل غير متكلم؛ لأن الله عز وجل يُخْبرُ عن إبراهيم عليه السلام أنه قال لقومه لما قالوا له: {قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ