هَذَا بِآلِهَتِنَا يَاإِبْرَاهِيمُ (٦٢) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ (٦٣)} [الأنبياء: ٦٢ - ٦٣] فاحتج عليهم بأن الأصنام إذا لم تكن ناطقة متكلمة لم تكن آلهه، وأن الإله لا يكون غير ناطق ولا متكلم، فلما كانت الأصنام التي لا يَسْتَحِيْلُ أن يحييها الله وينطقها لا تكون آلهة، فكيف يجوز أن يكون من يَسْتَحِيْلُ عليه الكلام في قدمه إلهاً. تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. وإذا لم يجز أن يكون الله سبحانه في قدمه بمرتبة دون مرتبة الأصنام التي لا تنطق، فقد وجب أن يكون لم يزل متكلماً (١). قلت: فأنت تلحظ هنا أنه احتج عليهم بأن الإله لابد أن يكون متكلماً بعكس الأصنام التي لا تنطق، ثم استدل بأن الله إذا لم يجز أن يكون في قدمه بمرتبة دون مرتبة الأصنام التي لا تنطق، فقد وجب أن يكون لم يزل متكلماً وهذا كلام منه واضح وصريح بأن الله لم يزل متكلماً حقيقةً وليس كلامه قديم ولا نفسي، بل لأنه الإله المتكلم بالقديم المنزه عن مشابهة الأصنام، كذلك يجب أن يكون متكلماً في الحاضر والمستقبل، وهذه دلالة أكيدة لمن تأملها بأن الأشعري يفرق بين الأزل ولم يزل، ويقصد بلفظة لم يزل صفة الكلام الفعلية الاختيارية.