للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رأسه ومات ـ لعنه الله ـ وصارَ إلى أمه الهاوية فانكف اللعين عند ذلك عن الميزاب، ثم أمر بأن يقلع الحجر الأسود، وجاءه رجل فضرب الحجر بمثقل في يده وقال أين الطير الأبابيل؟ أين الحجارة من سجيل؟ ثم قلع الحجر الأسود ـ شرفه الله وكرمه وعظمه ـ وأخذوه معهم حين راحوا إلى بلادهم، وظلّ عندهم ثنتين وعشرين سنة حتى ردوه (١). وقد ألحد هذا اللعين في المسجد الحرام إلحاداً لم يسبقه إليه أحد عسى أن يجاز به على ذلك بعذاب من لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد ـ جل وعلا ـ وإنما حمل هؤلاء على هذا الصنيع أنّهم كانوا كفاراً زنادقة وكانوا ممالئين للفاطميين (٢). وذكر ابن الجوزي: بأن هذا الخبيث قد قلع قبة بئر زمزم


(١) انظر البداية والنهاية ١٥/ ٣٨، ٣٩.
(٢) الفاطميون: قوم ينتسبون إلى عبد الله بن محمد الجيب بن جعفر المصدق بن محمد الفاطمي العلوي من ولد جعفر الصادق. ويسمون العبيديون وهم من غلاة الشيعة الباطنية وأنشئت دولتهم في المغرب ومصر وتسموا بالفاطميين، وهم ينتسبون إلى عبد الله بن ميمون القداح، الذي خرج من صلبه عبيد الله المهدي وادعى أنه شريف علوي فاطمي، قال عن نفسه: إنه نبي، رحل إلى المغرب سنة ٢٩٦، واستطاع أن يكون له قوة حتى أصبح بعد ذلك ملكاً، ثم استطاعت هذه الدولة أن تضم إليها مصر عن طريق جوهر الصقلي عام ٣٥٠ في عهد المعز لدين الله، وبنى فيها القاهرة والأزهر، وجملة اعتقاد هذه الفرقة: إنكار وجود الله والكفر بالنبوات وإبطال الشرائع، ثم تولى بعد ذلك الحاكم بأمر الله وأسس دار الحكمة فاجتمع بها زنادقة الإسماعيلية والفرس وخدعوا هذا الخبيث حتى ادعى الألوهية، ودعا إليها في عام ٤٠٨ على يد ثلاثة من الإسماعيلية وهم: حمزة بن علي الزوزني، ومحمد بن إسماعيل الدرزي مؤسس مذهب الدروز، والحسن بن حيدرة الفرغاني، واستمرت هذه الدولة جاثمة على صدر الأمة مئتين وثمانين عامًا، أظهروا فيها من المنكرات العظيمة والفساد المستشري، وتعظيم الأضرحة وسب الصحابة، حتى قيض الله صلاح الدين الأيوبي فقضى عليهم. انظر البداية والنهاية ١٥/ ٣٩. ومجموع فتاوى ابن تيمية ٣٥/ ١٢٠ ـ ١٤٤ وعلاقة الفاطميين بدول المغرب العربي، والحركات الباطنية في العالم الإسلامي ١٩٩ ـ ٢٢٣ وكتاب: قضية نسب الفاطميين أمام منهج النقد التاريخي، وكتاب وجاء دور المجوس ص ٧٥ ـ ٧٦.

<<  <   >  >>