الحرام وفي جوف الكعبة، حتى قتلهم في البيت قتلاً ذريعاً، لم يسلم منه طائف ولا مصلٍّ، بل وجلس أميرهم أبو طاهر (١) ـ لعنه الله ـ على باب الكعبة والرجال تصرع حوله في المسجد الحرام، وفي الشهر الحرام ثم في يوم التروية، الذي هو من أشرف الأيام، وهو يقول:
أنا بالله وبالله أنا … يخلق الخلق وأفنيهم أنا
فكان الناس يفرون، فيتعلقون بأستار الكعبة، فلا يجدي ذلك عنهم شيئاً، بل يقتلون وهم كذلك، ويطوفون فيقتلون في الطواف، وقد كان بعض أهل الحديث يومئذ يطوف، فلما قضى طوافه أخذته السيوف فلما وجب أنشد وهو كذلك:
ترى المحبين صرعى في ديارهم … كفتية الكهف لا يدرون كم لبثوا
ثم أمر القرمطي - لعنه الله - أن تدفن القتلى ببئر زمزم ودفن كثيراً منهم في أماكنهم وحتى في المسجد الحرام، ولم يغسلوا ولم يكفنوا ولم يصل عليهم، لأنهم شهداء في نفس الأمر، بل من خيار الشهداء، وهدم قبة زمزم، وأمر بقلع باب الكعبة ونزع كسوتها عنها، وشققها بين أصحابه وأمر رجلاً أن يصعد على ميزاب الكعبة فأراد أن يقتلعه فسقط على أم
(١) ملك البحرين أبو طاهر سليمان بن حسن القرمطي، الأعرابي الزنديق الذي سار إلى مكة في سبعمائة فارس فاستباح الحجيج كلهم في الحرم، وقد جاء بالأعاجيب واستباح المحرمات ودعا إلى عمل قوم لوط وتوفي هذه الطاغية في رمضان وفي هجر بالجدري فلا رحم الله فيه مغرز إبرة. انظر سير أعلام النبلاء. ١٥/ ٣٢٠، وشذرات الذهب ٤/ ١٧٩.