للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استخدام عقله. بل الأشعري رجع عندما ظهر له عوار المعتزلة، ورجوعه دليل على رجاحة عقله وقوة حجته وضعف المذهب الفاسد، فالتعليل عليل وضعيف.

القول الحادي عشر: عدم الاطمئنان للفكر المعتزلي.

قال فاروق الدسوقي: إن منهج المعتزلة الفكري يحتم على صاحبه أن لا يطمئن ولا يثق إلا في النتائج المتفقة مع أحكام العقل حسب زعمهم. أما الأشعري فقد نبذ هذا السبيل العقلي المحض، حيث لم يحصل به في صدره الاطمئنان حيال نتائجه، كما أن تفكيره العقلي نقضه وأظهر له معايبه وعجزه. فلجأ إلى سبيل آخر هو الدعاء وطلب الهدى من الله ـ عز وجل ـ ولهذا دلالة منهجية هامة، وهي أن الأشعري ترك العقل كقبلةٍ أولى وأساس وحيد ومرجع أسمى وحكم أعلى ينبغي على المفكر المعتزلي أن يتوجه إليه في هذا كله، ويعول عليه أولاً وأخيراً (١). قلت: ولا شك بأن هذا سبب ولَّد الحيرة عند الأشعري ـ رحمه الله ـ ولكن لا يستقل لوحده بكونه سبب التحول.

القول الثاني عشر: موت قريب له.

ذكر بعض خصومه: أن سبب رجوعه هو: أن قريباً له مات، فتاب لئلا يمنعه الحاكم من الميراث، حيث كان قريبه ذا مال كثير، وكان قاضي


(١) انظر القضاء والقدر ٢/ ٣١١، ٣١٢.

<<  <   >  >>