للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الترجيح:

إن من أصعب الأمور التي مَرَّت عَلَيَّ في بحثي هذا هو الترجيح في مثل هذه المسألة الشائكة، والتي يجبُ على الإنسان عدم التسرع في القول فيها دون إمعان نظر وتأمل وتدبر، ولكن بعد تأمل وتدبر ومناقشات واستخارة اتضح لي أن الخلاف قد انحسر بين الرأيين الخامس والسادس.

والمتأمل يجد أن القول السادس والذي يرى بأنه رجع رجوعاً تامّاً هو الأقرب للصواب، وذلك للأمور الآتية:

١ - أن الإنسان عندما ينتمي لمذهب فاسد عدة سنين لابد أن يتأثر به، ويغلب عليه، وعندما يعود إلى الحق فقد تكون معرفته بالمذهب الصحيح ناقصة، وهذا ما عاناه الإمام الأشعري ـ رحمه الله ـ بشكل واضح، ولذا تأثر في بداية تحوله بمذهب ابن كلاب ظناً منه انه منهج أهل السنة والجماعة، دون أن يقصد بذلك متابعة ابن كلاب أو أن يدور في خلده أنه على خلاف الحق. بدليل أنه أعلن في المقالات أنه من أهل الحديث بعكس أصحاب ابن كلاب كما مر من قبل.

٢ - أن الأشعري بعد أن قرأ وتدبر وأمعن النظر في الفرق والمذاهب تبين له الحق، فوفقه الله لتأليف كتاب الإبانة فألفه على منهج أهل السنة والجماعة.

٣ - أن الأشعري عندما ألف كتاب الإبانة كان يقصد ويرغب أن يكون موافقاً لأهل السنة على أكمل وجه، ولكن بقاءه عشرات السنين

<<  <   >  >>