من الأمور التي أثارها بعض أهل العلم على الإمام الأشعري ـ رحمه الله ـ القول بأنه يكفر العامة، وهذا الكلام قبل الخوض في تفاصيله لا بد من معرفة قواعد مهمة وهي:
١ ـ أنَّ الإنسان محاسب بما خطه يراعه، أو نقله عنه الثقات من أتباعه، فإذا وجد ثمة تعارض فيما خطه في كتبه مع ما نقل عنه، فإن العدل والإنصاف يقتضي أن نقدم ما كتبه، على ما نقل عنه، خاصة إذا كانت القضية تتعلق بمسائل الاعتقاد.
٢ ـ كما أنه من العدل والإنصاف أن يعتبر في الحكم على الإنسان بما ذكره في كتبه المتأخرة، إذا عارضت كتبه المتقدمة، فالمتأخر ناسخ للمتقدم، وهذه مسألة لابد من معرفتها قبل مناقشة ما أثير عن الإمام أبي الحسن الأشعري ـ رحمه الله ـ من أنه رجع عن تكفير أهل القبلة. فهل ما أثير عنه صحيح؟؟ أم لا أصل له؟؟ وبعد التتبع والتأمل، وجدت أن لهذا الكلام أصلاً، ووجدت مصدرين لهذا القول:
المصدر الأول: ما نقله الإمام البيهقي في سننه، وهو كما لا يخفى على باحث متتبع أنه أشعري في المعتقد؛ حيث قال في السنن: (سمعت أبا حازم عمر بن أحمد العبدوي الحافظ يقول: سمعت زاهر بن أحمد السرخسي يقول: لما قرب حضور أجل أبي الحسن الأشعري ـ رحمه الله ـ في داري ببغداد دعاني فقال: أشهد علي أنني لا أكفر أحداً من أهل هذه