لقد مر فيما سبق أن والده توفي عنه وهو صغير، وأوصى به إلى الإمام الساجي من أهل السنة والجماعة، ولكن والدته تزوجت بعد وفاة والده من أبي علي الجبائي وكان من رموز المعتزلة في ذلك الوقت، فاحتضن هذا الصبي ورباه على فكره، وهذا الطور لم أجد أحداً خالف في أنه الطور الأول عند الأشعري، فقد أثبت جميع من ترجم للأشعري أن طوره الأول كان هو الاعتزال، حيث لم يشك أحد في هذا، وإليك أقوال أهل العلم في المسألة:
١ ـ أقدم هذه الأقوال ما ذكره ابن النديم في الفهرست، حيث قال عندما ترجم للأشعري:«وكان أولاً معتزلياً، ثم تاب من القول بالعدل وخلق القرآن في المسجد الجامع بالبصرة في يوم الجمعة، رقى كرسياً ونادى بأعلى صوته: من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أعرفه نفسي: أنا فلان ابن فلان، كنت أقول بخلق القرآن وأن الله لا يرى بالأبصار، وأن أفعال الشر أنا أفعلها، وأنا تائب مقلع معتقد للرد على المعتزلة، فخرج بفضائحهم ومعايبهم»(١).