عن هذا المحمل الطيب الذي ألجأهم إلى ربط كلام الأشعري في الإبانة بكلامه في رسالته إلى أهل الثغر التي قالها في مرحلة التوسط فكان عليهم أن يُجْرُوا كلام الأشعري على ظاهره خاصة وأن المتبادر إلى الذهن من كلامه هو موافقته للسلف في هذه المسألة وهو استخدام هذا الدليل بالرد على من قال بخلق القرآن، ومن هنا يتجلى أن هذه الملاحظة التي أوردها أصحاب هذا القول مبنية على حكم مسبق استقر عندهم بسبب إلمام بعضهم بكتب الأشعري السابقة، ولذا تجدهم يربطون بين كلام الأشعري في هذا الكتاب بكلامه في كتبه السابقة وهذا كما قلت هو المنهج الحق بالأصل لكن مع غير الإمام الأشعري وكتابه الإبانة لأن الأشعري في كتابه هذا استقر على منهج السلف الصالح أما لو كان الأشعري غير مُغَيِّرٍ لمنهجه أو أن أصحاب هذا القول لا يرونه مر بثلاثة أطوار لكان معهم هنا الحق فيما توصلوا إليه، خاصة وقد أرشد أهل العلم إلى ذلك بأن الحكم على الشخص يكون من خلال جميع كتبه (١). أما الأشعري فالإبانة هي آخر ما كتب ونقض فيها الكثير مما أورده في
(١) انظر: في بيان منهج الربط الصارم المسلول ٢/ ٥١٢، والجواب الصحيح ٤/ ٤٤، ومجموع الفتاوى ٢/ ٣٧٤، وفي الإخانئية ص ٣١٠، وفي الاستقامة ١/ ٩٢ و ١٩١ و ٣٩٦ و ٢/ ٣٨ والرد على البكري ٢/ ٦٢٣ والمغني لابن قدامة ٩/ ١٣٩ وفتح الباري ٥/ ٣٩٥ وغيرها.