للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- وقربه إليهم، وهذا الذي قاله الأشعري وَحَكَاهُ عن أهل السنة، تلقاه عن زكريا بن يحيى الساجي وغيره من أئمة البصريين وهذا اللفظ الذي ذكره في القرب محفوظ عن حماد بن زيد (١) إمام أهل السنة في عصر مالك والثوري (٢). قلت: فهنا شهد ابن تيمية للأشعري بأنه من القائلين بصفات الأفعال الاختيارية، وهذا دليل واضح بأن شيخ الإسلام عندما انتقد الأشعري كان يتكلم عن مرحلة التوسط التي مر بها الأشعري وهي أشهر مراحلة، وهي التي أكثر فيها التصنيف والتأليف؛ لأن ذكر في موضع أن الأشعري لا يقول بصفات الأفعال الاختيارية وهنا يقول بها.

السبب الثاني: توضيح شيخ الإسلام السبب الذي من أجله وصف الإمام الأشعري بأن لديه بقايا كلامية، حيث ذكر شيخ الإسلام: بأن ما ذكره الأشعري واستدل به على حدوث محل الصفات والأعراض، يقصد من


(١) حماد: هو حماد بن زيد بن درهم الأزدي الجهضمي، أبو إسماعيل البصري الأزرق، مولى آل جرير بن حازم، أخرج له البخاري، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، قيل: إنه كان ضريرًا، ولعله طرأ عليه؛ لأنه صحَّ أنه كان يكتب. قال عبد الرحمن بن مهدي: «أئمة الناس في زمانهم أربعة: سفيان الثوري بالكوفة، ومالك بالحجاز، والأوزاعي بالشام، وحماد بن زيد بالبصرة»، وكان حماد بن زيد أثبت الناس في أيوب السَّختياني. مات حماد بن زيد سنة تسع وسبعين، وله إحدى وثمانون سنة، انظر ترجمته في: «طبقات ابن سعد» (٧/ ٢٨٦)، و «تقدمة الجرح والتعديل» (١/ ١٧٦)، و «تاريخ بغداد» (٣/ ١٣٧)، و «تهذيب الكمال» (٧/ ٢٣٩)، و «تذكرة الحفاظ»: (١/ ٢٢٨).
(٢) (انظر بيان التلبيس (٨/ ١٨٩ - ١٩١).

<<  <   >  >>