للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الروايات دون تمحيص أو تدقيق، كما سبق أن بينته، والله أعلم.

القول الثاني: مناظراته مع شيخه الجبائي.

يُعَدُّ هذا السبب، أكثر الأسباب شيوعاً، وقناعة وقبولاً عند أهل العلم؛ لأن مناظراته مع شيخه الجبائي، وخاصة مناظرته حول الصلاح والأصلح، كان لها دور فاعل في رجوع الأشعري عن مذهبه، وهذه المناظرات دونت بعدة صِيَغٍ، ولعل أشهر هذه الروايات والصيغ ما أوردها ابن خلكان في ترجمة الجبائي، حيث قال:

المناظرة الأولى: أن أبا الحسن سأل أستاذه أبا علي الجبائي عن ثلاثة إخوة أحدهم كان مؤمناً، براً، تقياً، والثاني كان كافراً، فاسقاً، شقياً، والثالث كان صغيراً، فماتوا فكيف حالهم؟ فقال الجبائِي: أما الزاهد ففي الدرجات، وأما الكافر ففي الدركات، وأما الصغير فمن أهل السلامة، فقال الأشعري: إن أراد الصغير أن يذهب إلى درجات الزاهد هل يؤذن له؟ فقال الجبائي: لا، لأنه يقال له: إن أخاك إنما وصل إلى هذه الدرجات بسبب طاعته الكثيرة، وليس لك تلك الطاعات، فقال الأشعري: فإن قال ذلك الصغير: التقصير ليس مني، فإنك ما أَبْقَيْتَنِي ولا أقدرتني على الطاعة فقال الجبائي: يقول الباري جل وعلا: كنت أعلم أنك لو بقيت لعصيت وصرت مستحقاً للعذاب الأليم، فراعيت مصلحتك، فقال الأشعري: فلو قال الأخ الكافر: يا إله العالمين، كما علمت حاله فقد علمت حالي، فلم راعيت مصلحته دوني؟ فقال الجبائي للأشعري: إنك

<<  <   >  >>