للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مجنون، فقال: لا، بل وقف حمار الشيخ في العقبة، فانقطع الجبائي. وهذه المناظرة دالة على أن الله تعالى خص من شاء برحمته وخص آخر بعذابه، وأن أفعاله غير معللة بشيء من الأغراض (١).

المناظرة الثانية: حيث أوردها الفخر الرازي (٢) بصياغة أخرى قريبة من هذه، ولكنه جعل المخاطب للجبائي امرأة عجوز ألقمها الأشعري


(١) انظر وفيات الأعيان/ ٤/ ٢٦٧، والطبقات الكبرى للسبكي ٣/ ٣٥٦. وهذه وردت من غير سند فلا يعول عليها.
(٢) هو: فخر الدين، محمد بن عمر، بن الحسين القرشي البكري الطبرستاني، أبو عبد الله، وأبو المعالي، المعروف، بالفخر الرازي، ولد سنة أربع وأربعين وخمسمائة، قال عنه الذهبي: العلامة الكبير ذو الفنون، الأصولي المفسر كبير الأذكياء والحكماء، والمصنفين، ا. هـ. تعلم الفقه على المذهب الشافعي، وله العديد من المصنفات ومن أهمها: تفسيره المشهور بالتفسير الكبير ومفاتح الغيب. ومن كتبه المحصول في أصول الفقه، كان معظماً عند ملوك الخوارزمية، حتى أكرموه، فأصبح من الأثرياء. وقعت له خصومات مع الكرامية، رجع ـ رحمه الله ـ في أواخر حياته إلى منهج السلف، قال الذهبي: مات في سنة ٦٠٦ هـ وله بضع وستون سنة، وقد اعترف في آخر عمره، حيث يقول: لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية، فما رأيتها تشفي عليلاً ولا تروي غليلاً. رأيت أقرب الطرق طريقة القرآن، أقرأ في الإثبات: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه ٢] وقوله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر ١٠] وأقرأ في النفي، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى، ١١] ومن جرب مثل تجربتي، عرف مثل معرفتي، وقال ابن كثير: وكان مع غزارة علمه، وتبحره في فن الكلام يقول: من لزم مذهب العجائز كان هو الفائز وأوحى عند موته برجوعه إلى طريقة السلف. وتسليم ما ورد على الوجه المراد اللائق بجلال الله تعالى. انظر في ترجمته البداية والنهاية ١٧/ ١١. وسير أعلام النبلاء ٢١/ ٥٠٠.

<<  <   >  >>