للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فدل هذا دلالة أكيدة على أنه يراها طوره الأخير. والخلاصة أن الحق أن يجمع شتات كلام شيخ الإسلام بعضه مع بعض حتى يُحكم على قوله الأخير، فتحمل نقوده التي وجهها للأشعري على ما كتبه في مرحلة التوسط؛ لأن ما كتبه الإمام الأشعري في تلك المرحلة، وفي ذلك الطور كثيراً جداً، بل هي التي انتشرت في الآفاق، وهي التي حاكمه عليها غالب العلماء، بعكس طوره الأخير الذي كان في آخر عمره؛ لذا لم يتمكن أن يؤلف فيه إلا مؤلفاً واحداً فقط وهو كتابه النفيس الإبانة؛ ولذا فإن علينا الفصل بين ما كتبه في مرحلة التوسط، وبين ما تكتبه في مرحلة الرجوع التام، والذي ثبت لي أن النقود التي وجهها شيخ الإسلام للأشعري هي لأقواله في مرحلة التوسط؛ لأنه نسب له مرة عدم القول بصفات الأفعال الاختيارية، ثم نسب له القول بها، ومعلوم بأن الإثبات مقدم على النفي. فيُعد هو المتأخر، ولا يمكن أن نصف شيخ الإسلام بأنه متناقض؛ بل يقال: نفى قول الأشعري بصفات الأفعال بناء على ما كتبه في مرحلة التوسط، ولما اطلع على الإبانة وثبت لديه بأنها آخر مؤلفات الأشعري وظهر له قوله فيها بصفات الأفعال أثنى عليه وشهد له بها، وهذا دليل على عدله وإنصافه ـ رحمه الله ـ.

٢ ـ وقد أيد هذا القول الإمام ابن القيم حيث قال - رحمه الله -: ولما رجع الأشعري عن مذهب المعتزلة سلك طريق ابن كلاب ومال إلى

<<  <   >  >>