للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مع احترام النص والعقل معاً (١). قلت: وما أدري! كيف قبلوا بهذا التعليل مع أنهم يرددون ويؤكدون بأن الأشعري قد انخلع من الاعتزال، وحجر المعتزلة في أقماع السمسم كما يعلنون؟! بل ويعلن أحدهم أن الأشعري وجد الأدلة متكافئة، فاستهدى الله، فهداه إلى منهجه، وأيده في طريقه برؤية رسوله -صلى الله عليه وسلم- فمضى قدماً وأخرج للناس مذهباً جديداً؟ تلقاه أغلبها بالقبول والاطمئنان (٢). قلت: إن الإعلان بأن أبا الحسن أتى بمذهب جديد قدح به، وكافٍ لرد مذهبه لأن الإسلام قد كمل بوفاته -صلى الله عليه وسلم- وليس بحاجة إلى إكمال، وهذا وحده كاف لرد مثل هذا السبب.

القول العاشر: حدوث تغير في عقله.

زعم بعض المعتزلة أن الأشعري رجع عن الاعتزال بسبب تغير حدث في عقله (٣). وقد انتقد ابن عساكر هذا القول بشدة، وحق له، حيث قال: هذا قول جاهل لم يؤته الله في دينه بصيرة وقائله من المعتزلة الضلال (٤).

قلت: ولاشك بأن هذا القول، وهذا التعليل، محجوج وغير مقبول. وليس هذا غريباً على المعتزلة، لأنهم يرون أن من خالفهم لا يحسن


(١) انظر الأشعري لحموده غرابه ص ٦٦.
(٢) انظر أبو الحسن ص ٦٦.
(٣) انظر التبيين ص ٣٨٠.
(٤) انظر التبيين ص ٣٨٠.

<<  <   >  >>